(Smile تطلع الصورة حلوة) مقترحٌ خفيف الظل يقترحه المُصوِّر على المُصوَّر لتكون الصورة (حلوة وأمورة)، حتى حين يراجعها صاحبها بعد حين من الدهر يقول (يا الله كيف كنا، ساق الله على أيام زمان).
في 19 أغسطس من كل عام يحتفل هواة التصوير باليوم العالمي للصورة، وتعود ذكرى هذا اليوم لشراء الحكومة الفرنسية أول براءة تصوير فوتوغرافي في التاريخ، وذلك يوم 19 أغسطس في عام 1839، ثم قدمتها هدية للعالم، وصاحب هذا الاختراع هو العالم الكيميائي الفرنسي الشهير "لويس دايجر".
وقد كانت بداية التفكير في هذا الاختراع بالاعتماد على ما توصل إليه العالِم العربي (ابن الهيثم)، الذي استطاع أن يرى انعكاس صور الأشياء من خلال الغرف المغلقة المظلمة، إلى أن تم التوصل إلى اختراع فيلم الكاميرا على يد أحد العلماء الأمريكيين في القرن التاسع عشر.
ربما لا أكون مبالغاً لو قلتُ بأن الصورةَ من أفضل إنتاجات العقل البشري باعتبارها تنقل المشهد كما هو، بلا تزييف أو تزوير، في حال أحسنا الظن بالمُصور بألا يعبث بمحتوى الصور بفعل برامج التصميم خاصة في عصر التطور التقني الهائل.
والمُتابع لحالة تطور الصورة منذ نشأتها يلاحظ تطوراً مستمراً عليها، فقد بدأت (أبيض وأسود) حتى وصلت للشكل الذي نراه الآن.
ولو سألنا عن أهمية الصورة سنجدها تؤدي مهامَّ عظيمةً، فقد تحرك الساكن وتسكن المتحرك، وترفع أقواماً وتضع آخرين، وتنقل مأساة كانت عن الأنظار مخفية، الصورة هي التي دفعت الموساد الاسرائيلي لاغتيال الفنان ناجي العلي والأديب غسان كنفاني وغيرهم.
لقد ذكر الله عز وجلّ أوصافاً لمشاهد وأماكن، وتحدث عنها بطريقة الوصف الكلامي، ويمكن للرسام ترجمة الكلمات لصور تقرب الفكرة للعقل، وهذا ما تحدث عنه المفكر الإسلامي "سيد قطب" في كتابه بعنوان (التصوير الفني في القرآن).
إن الصورة قوة ناعمة تجعل العقول تتقارب في فهمها وتتفاعل معها، فمنظر قتل طفل يحدث أثراً في قلب كل حر مهما كان دينه أو جنسه أو جنسيته أو سنه، فكثير من المشاهد لو لم يتم تصويرها لكان صعباً وصفها بالكلمات مهما كانت مهارة الإنسان الذي يترجم المشهد للكلام، بل وبعض الصورة أخذت مكانة رمزية وخلقت رأيًا عالمياً
ونذكر هنا منظر استشهاد الطفل "محمد الدرة" الذي استشهد في حضن والده بداية انتفاضة الأقصى في فلسطين، فكثير من العائلات أطلقت اسم محمد الدرة على مواليدها، ودول أطلقته على مؤسسات ومدارس وشوارع، وكذا مع صورة الطفل "فارس عودة" الذي تم التقاط صورة له وهو يتحدى بحجره الصغير دبابة صهيونية قاتلة في بداية انتفاضة الأقصى، كما الطفل السوري "إيلان كردي" الذي وجُدت جثته ملقاة على أحد الشواطئ التركية بعدما جرفتها مياه البحر، حيث كان ملقى على بطنه في مشهد أسر العالم من شدة قسوة المنظر، حيث طبعت فنلندا عام 2017 صورته على عملتها الوطنية في لفتة إنسانية وبمناسبة الذكرى الـ 100 لاستقلالها، وفي 2019 أعيد تسمية سفينة إنقاذ ألمانية تنشط في البحر المتوسط باسمه، بعد أن غدا رمزاً مأساويًّا لأزمة المهاجرين التي ضربت أوروبا.
وأذكر أنه مؤخراً بمحافظة رفح الفلسطينية التقط المصور "سرحان أبو السعيد" صورة للفتاة "سلوى شعث" التي وقفت خلف العلم الفلسطيني تبكي بعد سماعها اسم والدها الشهيد في حفل تكريم أوائل الطلبة، وقد لاقت هذه الصورة تفاعلاً كبيراً في الوسط الإعلامي.
إن دور الصورة الآن لا يقل عن دور الصاروخ، فعلينا الاهتمام بها، ونقل معاناتنا للآخرين من خلال الصورة التي لا تحابي أحدًا، خاصة أن يومياتنا مليئة بالمعاناة.