فلسطين أون لاين

مشعل وهنية والقضية الفلسطينية والخيار الثالث

في تناغم واضح وتكامل أدوار جميل وبتزامن ربما غير مقصود أطلت علينا قيادة حركة حماس الحالية والسابقة في خطابين سياسيين نابعين من حرص تعلوه حرقة على ما وصلت إليه الأوضاع الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بغزة آخر قلاع الامة وسلاحها الأخير والصوت الوحيد الذي ما زال يجأر بكلفة الحق في تحدٍّ ينبض بالإيمان بوعد الله ونصره.

فأطل علينا اسماعيل هنية ببيان رسمي اتسم بالدبلوماسية التي تعبر عن الحرص على استمرار وتعزيز العلاقة بالأشقاء في الوقت الذي وصلت فيه الأوضاع الجارية في غزة على صعيد الاتصالات والوساطات التي تقوم بها العديد من الأطراف في إطار العمل على كسر وإنهاء الحصار عن القطاع إلى طروق مسدود.

فحرص رئيس الحركة ومن موقعه الرسمي على تجديد ثقته بالدور المصري رغم انسحابه العملي من دور الوساطة؛ لصالح الدور القطري والجهد الذي يقوم به السفير محمد العمادي والتي لم تثمر حتى الآن، في إنهاء هذا الحصار، وتخليص القطاع من آثاره الكارثية، سيما مع دخول الكورونا إلى داخل غزة.

وأكد هنية مجددا أمام الجميع أن المشكلة الأساسية متمثلة في الاحتلال وتعنته ورفضه التعاطي مع مطالب شعبنا العادلة.

مؤكدا بمنتهى الوضوح أن قرار شعبنا ومقاومته الباسلة هو المضي في إنهاء هذا الحصار الظالم بمختلف أشكاله مهما بلغت التضحيات.

داعيا نيكولاي ميلادينوف إلى تحمل الأمم المتحدة مسؤولياتها في الوقوف إلى جانب أهلنا في القطاع، وإلزام الاحتلال إنهاء معاناة شعبنا.

وموجها نداءه في ذات الوقت الى شعوب الأمة للوقوف إلى جانب غزة الأبية، والقدس الشامخة، والشتات الفلسطيني المرابط على حدود العودة

في حين حرص خالد مشعل في خطابة الموجه الى الامة من خلال الملتقى الوطني لشبيبة العدالة والتنمية في المغرب على توجيه رسالة عاجلة ونداء استغاثة من موقعه كرئيس سابق للمكتب السياسي لأكبر حركة مقاومة فلسطينية موظفا مكانته المهمة في خارطة التأثير الشعبي موجها خطابه الى العالم والى أحرار الأمة مذكرا اياهم أن غزة تُحارب اليوم بسبب صمودها وسلاحها ومقاومتها وبطولاتها التي أرهقت بها "إسرائيل" وتحارب بسبب استقلالية قرارها السياسي.

وان غزة تُحارب نيابة عن الأمة لأن رأسها مرفوع؛ تُحارب بالحصار وبالتجويع وبالإغلاق المستمر منذ أكثر من 14 عامًا؛ وتُحارب في حياتها اليومية؛ رغم دخولها في تحدي جائحة كورونا في ظروف بالغة الصعوبة مع قلة الإمكانات بالتزامن مع جائحة التهديد والعدوان الصهيوني المستمر.

وتعد رسالة مشعل غير مسبوقة من حيث استنجاده بالعالم؛ موجها خطابا عاطفيا قال فيه نستنجد فيكم رجولتكم ونخوتكم ومشاركاتكم معنا في هذه المعركة؛ غزة تريد منكم كسر الحصار الظالم وتقديم العون ودعم المقاومة البطلة ودعم الشعب والحاضنة الغزية والانتصار لقضيتهم ومد يد العون لهم والالتفات لما يعانونه من آلام وأوجاع.

طالبا منهم الالتفات إلى أهلنا في الضفة الغربية والقدس وأراضي 48 وفي الشتات، انطلاقا من أن القضية الفلسطينية قضية واحدة والشعب الفلسطيني شعب واحد ومعركته معركة واحدة؛ ويخوض معركته بصلابة وصمود؛ وهو يتحد خلف مقاومته وسلاحه.

ورسم مشعل ملامح الجدار الأخير الذي يستند إليه الفلسطيني وهو مقاومته وسلاحها في قطاع غزة وفي كل فلسطين مؤكدا أنه يثق فيها ثقة مطلقة على قدرتها على هزيمة الاحتلال؛ مطالبا أحرار العالم وأحرار الأمة دعمهم والتحامهم وانخراطهم معنا في هذه المعركة؛ لينال شرف المشاركة وشرف الجهاد وشرف النصر بإذن الله.

فبينما خاطب مشعل البعد الشعبي والعمق العربي مراهنا على دور وقدرة الشعوب وفي طليعتهم الشباب على تغيير المشهد وحشد الجهود لنصرة قصية الأمة الأولى

خاطب هنية البعد الرسمي العربي والدولي والأممي رغم عدم مراهنته عليه وعلى قدرته على الانتصار لشعبنا المحاصر ولقضيتنا العادلة على مدار 73 عاما من التشرد واللجوء.

أما الخيار الثالث الذي غاب ربما عن خطاب الهرمين الثقيلين في ميزان الأمة؛ هو اللجوء لإحياء القدرات الكامنة لدى شعبنا الذي بلغ تعداده أكثر من 15 مليونا على امتداد رقعة العالم موزعين على قاراته الخمس.

قدرات مادية تبلغ عدة تريليونات؛ وقدرات اقتصادية وإدارية وكفاءات فكرية وعلمية وثقافية لا تخطئها العين، فقط تحتاج من يحسن تنظيمها وتوظيفها ونظمها في جهد التحرير.

شعبنا الموزع على مختلف دول العالم تمثله جاليات فاعلة ومنظمة لها وزن وتأثير وربما بات على مقاومتنا افساح المجال لها لتأخذ دورها كاملا في جهد التحرير كل في موقعه .

فتحرير فلسطين وكما قال مشعل لا ينبغي أن يقع عبؤه على الضفة فقط او غزة فقط؛ فقضيتنا واحدة وشعبنا واحد ومتحد خلف مقاومته وخلف سلاحه.

الامر الذي يفرض على مقاومتنا تجاوز المسلمات التي فرضتها الأنظمة المتآمرة على دور الملايين من المسحوقين في مخيمات اللجوء.

ففي الوقت الذي يسعى فيه المتآمرون لتوطين اللاجئين لإنهاء القضية الفلسطينية؛ يجب فتح نافذة أمل جديدة بحتمية العودة أمام المخيمات التي تعج بالشباب المتحفزين لأخذ دورهم المستحق.