في مثل هذا اليوم بالضبط قبل ست سنوات، تم الإعلان عن انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة في صيف 2014، وهو عدوان لم يأخذ حقه في الدراسة والتحليل، لكن الشاهد الأهم فيه أنه بعد مرور هذه السنوات، ما زالت "إسرائيل" مكانها، لم تتقدم، في حين تصعد المقاومة مرة أخرى، وتوضح مدى اهتزاز مفهوم التهدئة، مع أن الاستجابة الإسرائيلية لمطالبها هذه المرة سيُنظر إليه أنه نقطة ضعف لـ"إسرائيل".
لكن تزامن التوتر الحالي في غزة مع الذكرى السنوية السادسة لانتهاء العدوان، سببه عودة المقاومة والاحتلال، لنفس نقطة البداية المحبطة، حيث تجسد احتكاكاتهما العقدة القائمة بين الواقع المدني والوضع الأمني في غزة، كما عشية العدوان، تخوض حماس مواجهة لانتزاع التنازلات التي تهمها لتحسين أوضاع غزة.
هناك فرق مقلق بين توترات 2020 و2014، فهذه المرة، يعترف الإسرائيليون أن حماس تخوض مواجهة واعية ومخططة، ولم يعد قدرة للجوء للأوصاف المخففة كالنشاط الجامح والتدهور غير المنضبط، وسوء التقدير، بل توجد حاليًا قنوات مراسلة فعالة بين الأطراف، لم توجد في الماضي، حماس تروج لمواجهة منخفضة الشدة تتمثل بإطلاق بالونات حارقة ومتفجرة، وهدفها الضغط على "إسرائيل"، دون تصعيد واسع معها.
يتطلب التوتر الحالي مع حماس من "إسرائيل" أن تدرس بعمق الافتراضات التي وضعت في 2018، لدى توقيع التفاهمات الإنسانية، ويتساءل الإسرائيليون عن مدى صوابية الاستمرار بوصف حماس بأنها غير مهتمة بالتصعيد، رغم أنها لا تسعى لحملة واسعة، وما إذا كانت ناضجة لتسوية طويلة الأمد.
الأهم من ذلك، أن التوتر الأخير يظهر مدى اهتزاز مفهوم التهدئة بين الجانبين، الذي انتهكته "إسرائيل" بشكل مفاجئ عندما توصلت لاستنتاج بالحاجة لتغيير القواعد الحالية للمعادلة، فعاد الطرفان لنفس النقطة من التوترات، وتكبدت "إسرائيل" إصابات مستمرة، دون أن تتمكن من ردع حماس عن مواصلة تحركات عنيفة ضدها.
حالياً، تبدو "إسرائيل" مطالبة بالتأكيد على قواعد اللعبة التي اهتزت في الأسابيع الماضية، وفي الوقت ذاته الامتناع عن حملة واسعة النطاق في قطاع غزة في الوقت الحاضر، لاسيما وهي تركز على قضايا أخرى، مثل كورونا، والأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بها، مع الخشية الإسرائيلية المستمرة بأن ظهور أي إيماءات إيجابية تجاه حماس، من شأنها أن تفسرها نقطة ضعف تدفعها لمحاولة تكرار سابقة الأسابيع الأخيرة.
لا تعتبر القوة الكامنة لدى "إسرائيل" هي الحل الأمثل لمعاناة غزة، بل إنها مطالبة بصياغة استراتيجية طويلة المدى للقطاع، بدونها محكوم عليها أن تعيش مع هزات طويلة يائسة تتحرك في دوائر بين جولات التصعيد والترتيبات قصيرة المدى.