إذا كانت أهداف العدو من اختراق جبهة الخليج العربي، عبر تطبيع العلاقات مع الإمارات، هي فعلا ما ذكرها المفكر الخليجي “عبد الله النفيسي” التي تتمثل في الآتي:
1.نفط الخليج؛ فعندما توفر دولة خليجية خطًّا آمنًا لتزويد الكيان الصهيوني بالنفط الرخيص فهي خدمة عظيمة له.
2.السوق الخليجي الذي يتميز بالاستهلاك المتسارع.
3.يرغب الصهاينة في أن يكون لهم يد مباشرة في المشهد الخليجي، ويسعّرون الحروب والفتن بين الأطراف.
4.يريد الصهاينة الترتيب مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي لأمر خطِر للغاية، وهو توطين ما لا يقل عن 3 ملايين فلسطيني في صحراء الخليج .مؤكداً رفض ذلك، مشيراً لخطورته على الأمن والسلم الأهلي في الخليج .
فإن الخيارات الفلسطينية للتصدي لهذا الاختراق، ستكون أوضح في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بسد هذا الخرق الجديد في الجسد العربي.
فما هي الخطوات التي يمكن لإسماعيل هنية رئيس حركة حماس، كقائد لأكبر حركة مقاومة فلسطينية اتخاذها، في الوقت الذي لن تستطيع أي دولة عربية معه، حتى ولو كانت الامارات الغارقة في صناعة الفتن وقمع الشعوب واثارة الحروب، من الاستمرار في تطبيق اتفاق التطبيع مع كيان الاحتلال، وتمكينه من تحقيق الأهداف التي ذكرها النفيسي أعلاه؟
إنها الانتفاضة الشعبية، واطلاق يد المقاومة الشاملة، وفتح جبهة مواجهة واسعة مع العدو داخل وخارج الأرض المحتلة.
إن اليوم الأسود الذي اضافته الامارات للأيام السوداء في تاريخ المنطقة، والسقوط والسياسي والقيمي، يجب أن يشكل مدخلاً جديداً لقوى المقاومة، لجهة تأجيج الصراع بين جماهير الأمة وهذا العدو، الذي تعدى استهداف أمن وسلامة وأرض وحرية الفلسطينيين، الى استهداف امن وسلامة وثروات شعوب الأمة العربية، فلم تسلم من اعتداءاته الدول القريبة مصر والاردن ولبنان وسوريا، بل تعدى عدوانه وصولا الى تونس والعراق، وما زال الحبل على الجرار.
وما يساعد هنية في تحشيد قوى الأمة العربية الحرة في مواجهة أطماع واختراقات العدو الصهيوني، أن هذا الاتفاق مخالف لمنطق الحق الفطري، الذي يرفض الاعتراف بالظلم والسطو والاستيلاء على حقوق الآخرين، بدءًا من الحق في الحياة، مرورا بحرية واستقلال الأوطان.
فضلا عن إجماع الأمة العربية والإسلامية، على قداسة قضية فلسطين، بصفتها أرض الرسالات، وملتقى الأنبياء، ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم وارض المحشر والمنشر ومقر الخلافة الموعودة.
ناهيك عن عشرات القرارات، والنصوص القانونية الدولية، التي باتت تشكل مرجعا يجرّم الاحتلال، ويقر بحق عودة اللاجئين لبيوتهم وديارهم التي هجروا منها بالحديد والنار.
الأمر يستطيع معه هنية تحريك الجامعة العربية بالقنوات السياسية والدبلوماسية، لجهة بذل مزيد من الجهود لجمع كلمة العرب، والتصدي لمخططات الاحتلال، واتخاذ مزيد من الاجراءات لتحصين واحتضان قضية فلسطين كقضية الأمة الجامعة.
إن ما حققته المقاومة الفلسطينية بشكل تراكمي، خلال مواجهاتها المتكررة مع العدو الصهيوني، التي كان آخرها ابان حرب 2014، التي تمكنت المقاومة خلالها، من تحطيم كبرياء الاحتلال، وكشفت هشاشته عند مواجهة مقاتلي الامة الأشداء، الذين داسوا رؤوس العدو في أبو مطيبق وناحل عوز وغيرهما، يشكل مرتكزا قويا، ونفسا عاليا، في التصدي للعدو ومخططاته، فخلف الكلمات أفعال ترفع الرأس، وتحت الحروف أسلحة وسنان.
ومما يزيد شحنة التفاؤل لدينا، في ظل هذا الوضع القاتم، أن الصراع العربي ـ "الإسرائيلي" ما يزال قائماً ولو بشكل رسمي.
وأن قرارات المقاطعة العربية للمنتجات الصهيونية ما زالت مرعية.
وأن قرار التطبيع الاماراتي الصهيوني، تعدى الرفض العربي ، ليواجه برفض شديد من قوى اسلامية مؤثرة، فتركيا استنكرت وهددت بسحب سفيرها من الامارات، في حين تعدى الاستنكار الايراني لتهديد الامارات بتحميلها المسؤولية عن كل ما يمس أمنها، بعد أن وضع الاتفاق الصهيوني الاماراتي العدو الصهيوني على الحدود الايرانية.
الأمر الذي يضع هنية كقائد لقوى المقاومة الفلسطينية أمام تحدي القدرة على اطلاق شرارة الانتفاضة الشعبية الهادرة، والبدء باستراتيجية المقاومة الشاملة، وتحريك الشعب الفلسطيني في دول الطوق مسنودا بشعوب وأحرار الأمة الأوفياء، لفتح جبهات مشاغلة ومقاومة واستنزاف للعدو.
إن الجريمة التي ارتكبها العدو الصهيوني بحق ثمانية من العمال الفلسطينيين على حاجز إيرز العسكري سنة 1987م، أطلقت شرارة الانتفاضة الأولى التي استمرت نحو 8 سنوات.
الأمر الذي يشكل فرصة ذهبية لقوى المقاومة لتوظيف الجريمة التي ارتكبها جنود الاحتلال على حاجز عسكري في الضفة المحتلة بالأمس، لإطلاق شرارة انتفاضة شعبية غاضبة، حيث تظهر اللقطات التي نشرها الاعلام العبري جنود العدو وهم ينكلون بعمال فلسطينيين، ويجبرون أحدهم على خلع ملابسه، ويركلونهم ويدوسون على رؤوسهم بالأقدام.
إن الانتفاضة، والمقاومة الشاملة، وإحياء الجبهات على مختلف حدود العدو، هي الحل الأمثل والأنجع للتصدي لجميع اختراقات العدو واتفاقات التطبيع المتصاعد مع جبناء الأمة.
الأمر الذي يجب أن يتزامن مع اطلاق قوى المقاومة حملة اعلامية عريضة منظمة وقوية، لإحياء الروح العروبية في الجسد العربي، وبث أنفاس الحمية الملتهبة انتصارا للأبرياء والمقدسات، وشرح حجم المخاطر الجمة على أمن وسلامة وسيادة وثروات ومقدرات دول وشعوب الأمة، وفي المقدمة منها دول الخليج التي حباها الله بالذهب الأسود.
إن الانتفاضة الشعبية والمقاومة الشاملة، هما كذلك الحل الأمثل لإنهاء الانقسام الفلسطيني المستمر منذ نحو 14 عاما، فالجميع لا يستطيع الا أن يتحد في خنادق النضال والمقاومة، في الوقت الذي لم يُبقِ فيه كيان العدو أي خيار لكلا الفريقين أي خيارات أخرى، سواء فريق الحياة مفاوضات، أو فريق الحياة مقاومة، لجهة الانخراط في تيار الحياة عزة وكرامة، الحياة انتصار وحرية.