ترسم الشواهد الميدانية في الضفة الغربية، وبما يرافقها من تصريحات وأخبار إعلامية، استمرار الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في سياسة التنسيق الأمني المتبادل مع نظيرتها في دولة الاحتلال، ودون أي يعكر صفوها مشاهد قمع الاحتلال للشعب الفلسطيني وانتهاك مقدساته والاستيلاء على أرضه واستباحة دمائه.
آخرُ مشاهد التنسيق الأمني ما بين السلطة والاحتلال التي كشف النقاب عنها مؤخرًا، رسمت على صفحات صحيفة هآرتس العبرية يوم أمس، أُشير فيها إلى ارتفاع أعداد الفلسطينيين المعتقلين في سجون السلطة إلى نحو 400 شخص بطلب إسرائيلي أمني مباشر.
الصحيفة العبرية نفسها ذكرت أن جهاز أمن الاحتلال الداخلي "الشاباك" طور بنك معلومات كبير عن الفلسطينيين من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، وأجرى فرز مدخلاتهم ومنشوراتهم وتعليقاتهم، وسلم قائمة أسماء مواطنين للأمن الفلسطيني والذي بدوره قام باعتقالهم وتحذيرهم من مغبة تنفيذ عمليات فدائية ضد أهداف داخل دولة الاحتلال.
كثيرة ومتعددة
النائب في المجلس التشريعي فتحي القرعاوي من مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، أكد أن شواهد التنسيق الأمني في الضفة الغربية كثيرة ومتعددة، ولم تنفك فصولها في أحلك أحوال اعتداء الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه على أبناء الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته في مدينة القدس المحتلة.
وقال القرعاوي لصحيفة "فلسطين": إن سياسة التنسيق الأمني كانت منذ توقيع اتفاق أوسلو تسير في اتجاهات معروفة وواضحة، غير أن وصوله لمربع طلب أجهزة أمن الاحتلال من أجهزة السلطة مباشرة اعتقال مواطنين في الضفة وتنفيذ السلطة لذلك يضع "ألف علامة استفهام على دورها المنوط بها".
وأضاف أن اعتقال 400 شخص فلسطيني، بطلب إسرائيلي، أمر قد تم الكشف عنه، وأن ما يحصل في الغرف المغلقة ربما يفوق هذا الكشف بكثير من المرات، من حيث الحجم والخطورة والتأثير.
وشدد على أن سلطات الاحتلال وجدت في السلطة وأجهزتها الأمنية ضالتها من حيث توجيهها كيفما شاءت، سيما وأن التنسيق الأمني يصب في المصلحة الاحتلالية بالدرجة الأولى ولا يستفيد منه الفلسطينيون شيئًا يذكر.
ولفت إلى أن استمرار تشبث السلطة بسياسة التنسيق الأمني رغم ما ألحقته من أضرار في كينونة المجتمع الفلسطيني، يمثل قمة الاستخفاف بآلام الشعب الفلسطيني ومصابه من جهة، وزيادة عود الانقسام صلابة من جهة أخرى.
وأبدى القرعاوي استغرابه من تمسك السلطة الفلسطينية بالتنسيق الأمني رغم "اللطمات" المتتالية التي وجهها الاحتلال لها، واعتباره "تنسيقا مقدسا"، فيما تتراجع عن إنهاء الانقسام السياسي وإعادة اللحمة بين الضفة وغزة رغم أنه مطلب جماهيري عريض.
ازدياد حجم
بدوره، أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، طارق قعدان، "اكتواء" جميع أطياف الشعب الفلسطيني وفصائله بنار التنسيق الأمني المتبادل بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وأجهزة أمن الاحتلال.
ولم يبدِ قعدان لصحيفة "فلسطين" استغرابه من ازدياد حجم التنسيق الأمني المتبادل، وما أعلن عنه في صحيفة "هآرتس العبرية"، من اعتقال السلطة لـ400 مواطن بطلب إسرائيلي، خشية لما ادعوا فيه من قيامهم بتنفيذ عمليات.
وأضاف "هذه السياسة تتم بشكل وظيفي وتبادل أدوار تام، بين الطرفين، وهي طبيعة فهم لاتفاق أوسلو"، مشيرا إلى أن من صمم اتفاق أوسلو أراد أن تكون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة رديفا للاحتلال وأن يقوم عملها عبر توجيهات مباشرة من الاحتلال".
ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية متمسكة كل التمسك في التنسيق الأمني مع الاحتلال، وسط حالة من انسداد الأفق، وتغول الاحتلال على كل شيء فلسطيني، وعدم إعطائه أي حق مسلوب، إلى جانب سلب كل أشكال السيادة من السلطة على الأرض، يضع علامات استفهام كبيرة في تمسك واستمرار السلطة في هذه السياسة رغم ذلك.
وأكد قعدان أن السلطة ترهن نفسها لهذه السياسة الخطيرة التي يرفضها الشعب الفلسطيني وقواه، في مقابل استمرار تلقيها الدعم والأموال من الدول المانحة، رغم أن هدف الاحتلال من ورائها إبقاء الساحة الفلسطينية تحت سيطرته، وتحت وقع التفسخ والتشرذم.