فلسطين أون لاين

"تنوفا"...ليست حليبًا

تغزو أسواق الضفة الغربية الكثير من منتجات الاحتلال، منها حليب من إنتاج مزارع الاحتلال المنهوبة والمسروقة بالأصل من الفلسطينيين عبر سنين طوال، هذا الحليب اسمه حليب "تنوفا" ويعرفه كل فلسطيني، فهو حليب ينافس الحليب من إنتاج فلسطيني، وجرت حملات مقاطعة له كثيرة لكن لم تلقَ النجاح المطلوب والمنشود حتى الآن لعوامل كثيرة.

لكن اسم "تنوفا" كان بالصدارة هذه الأيام، ليس لأنه حليب بل لأنه شيء آخر، حيث يحاول الاحتلال جاهدًا أن يمنع عمليات الطعن وإطلاق النار التي تجري في مختلف مناطق الضفة الغربية، دون جدوى، ويستخدم طرقًا ووسائل كثيرة ومن بينها ما يسمى خطة "تنوفا" ذات المراحل المتعددة.

من سار ويسير هذه الأيام في طرق الضفة الغربية خاصة الطرق الالتفافية التي يسلكها المستوطنون، يلاحظ كيف نصب جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، منظومة كاميرات وأجهزة تكنولوجية في جنوب الضفة الغربية ومدينة الخليل، بهدف رصد تحركات الفلسطينيين "وإحباط" عمليات المقاومة، ويطلق عليها جيش الاحتلال تسمية "حدود ذكية وفتاكة"، حسبما ذكرت صحيفة "ماكور ريشون"، وكان قد نشر جيش الاحتلال منظومة كهذه في شمال الضفة الغربية، العام الماضي.

الاحتلال يتحدث عن أنه أجريت تجارب على الخطة، تناولت سيناريوهات متنوعة، بدءا من عمليات الطعن وحتى عمليات إطلاق نار من داخل بيوت، وعن الخطة يضيف أحد الضباط أنه "بإمكاني القول إن المنظومة نجحت في الامتحان وبكل السيناريوهات، وهي عملانية وستساعد كثيرًا في الحفاظ على نسيج حياة سليم في المنطقة".

وأشار الضابط إلى أن هذه المنظومة هي جزء من الخطة العسكرية المتعددة السنوات "تنوفا"، التي وضعها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، افيف كوخافي، علمًا أنه لم يُصدق عليها رسميًّا حتى الآن، وأن "هذه إحدى أكثر المنظومات سرية في الجيش، ولا يمكن التوسع بالحديث عنها أكثر وأن الخطة بنيت بهدف إحباط عمليات قبل دقائق من وقوعها".

وقال ضابط آخر إنه نُشر عدد كبير من كاميرات الحراسة من أجل رصد أحداث غير عادية، إلى جانب وسائل إنذار لقوات الجيش القريبة من موقع الحدث. وحسب ضابط ثالث، فإنه تم استثمار موارد تكنولوجية كثرة، هذا العام، "لتوفير رد عملاني متقدم للتحديات" في هذه المنطقة، وخصوصا في البؤر الاستيطانية في الخليل والحرم الإبراهيمي. "وطورنا في شعبة التنصت والدفاع السيبراني ردًّا تكنولوجيًّا متنوعًا بواسطة الدمج بين قدرات الذكاء الاصطناعي ومجمل المجسات في المنطقة" وذلك كي تكون المعلومات متاحة لقوات الاحتلال.

وقالت الصحيفة إن بمقدور هذه المنظومة تشخيص شخص وتعقبه، ورصد "علامات مشبوهة وتوفير إنذار وتحذير الجندي القريب وإرسال قوات إلى الموقع". وحسب أحد الضباط، فإن "المهمة الأكثر تعقيدًا هي مدينة الخليل، حيث يعيش المستوطنون إلى جانب الفلسطينيين، وينبغي التعامل مع حماس أيضًا، التي تحاول تنفيذ عمليات، وتطلب المنظومة أن يكون الجنود في حالة تأهب واستعداد، ويحظر أن يعتقدوا أن التكنولوجيا ستنفذ العمل بدلًا عنهم".

في كل الأحوال ورغم تعظيم الاحتلال لقدراته وخططه العسكرية الاستباقية فإنها لم تجِب عن كيفية حصول عمليات يومية في الضفة الغربية من عمليات إطلاق نار أو إلقاء زجاجات حارقة، أو عمليات أخرى متنوعه حصلت سابقًا وتحصل حاليًّا وستحصل مستقبلًا، وهو ما يعني أن كل حديث الاحتلال عن قدراته يندرج فقط في إطار الحرب النفسية ضد الفلسطينيين.

الحل بسيط للتخلص من العمليات الفلسطينية ضد الاحتلال، وهو إنهاء الاحتلال وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم السياسية والسيادية، لكن الكل يعرف ويدرك أن الاحتلال لن يفعلها، فهو ليس جمعية خيرية وليس منطقيًّا ولا عقلانيًّا، بل يقوم على مبدأ سياسة استخدام القوة، ومن هنا وجب على الفلسطينيين أن يراكموا المزيد من القوة، فالقوة لا يطيح بها إلا مزيد من الإعداد والقوة، وليس غير ذلك.