خضنا الجولة الأولى ضد كورونا في الضفة الغربية واعلنا انتصارنا بل انتصاراتنا المتعددة التي شهدت لها منظمة الصحة العالمية ودولة الاحتلال وبعض الدول الأخرى، وقررنا ان السياسة التي اتبعتها الحكومة الرشيدة والاجهزة المختصة وحركة فتح تحديدا كانت السبب الرئيس في هذه الانتصارات، وقد شهدنا حفلات التكريم المتكررة للمدافعين عن الشعب من كورونا والتي اختفت فيما بعد، ولكن دخلنا الجولة الثانية بقوة وارتفعت اعداد الاصابات بشكل مرعب حتى بلغت اكثر من 8000 حالة دون القدس، واذا بنا نلقى اللوم على المجتمع وان رهان الحكومة على التزامه لم يصمد حسب المتحدث باسم الحكومة، وخرج مراسلون عبر الفضائيات ليحملوا اهلنا في الخليل تحديدا المسؤولية بل تخطى بعضهم حدود اللياقة واللباقة ليصف شعبنا الفلسطيني بقلة الوعي، سبحان الله بالأمس كنا افهم شعب واليوم اصبحنا بدون وعي!
انا اعتقد ان اجراءات الجولة الاولى لم تختلف عن الثانية، ففي الاولى لم يكن هناك التزام حديدي، وقد راينا تجمعات بالمئات وربما اكثر للاحتفال بخروج اسير أو بعرس أو بغيره في جنين وغيرها وليس في الخليل، ولكن لم يكن الفيروس قد تفشى ومرت الايام بسلام، ولكن هذه المرة مع وجود الفيروس في اكثر من منطقة ومع اتخاذ نفس الاجراءات انتشر الفيروس بشدة وهذا يعني ان اجراءاتنا فاشلة من اساسها ولا تنفع لدحر كورونا ومنع انتشاره، ولهذا لا بد من التفكير بطريقة اخرى اكثر فاعلية للحد من استفحال الوباء وحماية الشعب الفلسطيني من اخطاره وخاصة ان القطاع الصحي الفلسطيني لا يمكنه الصمود ان تضاعفت حالات الاصابة وهو على وشك الانهيار.
من بين تفاعلات كورونا هو الادعاء بان شعبنا يتنمر على المصابين بالمرض، ولكني من خلال التجربة وجدت ان بعض المصابين هم الذين يتنمرون على المجتمع ويريدون اسكاته، واقل كلمة تسمعها من بعضهم "اللي عنده كلمة يضبها"؟ والحقيقة ان المرض ليس عيبا، ولكن ان تصاب لأنك لم تلتزم اجراءات السلامة وقد شاركت بحفل أو رفضت التزام الحجر الصحي فهذا اكثر من عيب لأنه جريمة، ولكن من يصاب بسبب استهتار الآخرين فهو ضحية ولا ملامة عليه ونسأل الله للجميع الشفاء سواء الضحايا أو المستهترون، فكلهم مواطنون شرفاء ولا نتمنى لهم الا الخير.
اما التفاعل الذي لم يصل بعد إلى ذروته وقد بدأت ارهاصاته فيتمثل بالأزمة الاقتصادية المصاحبة للوباء، وقد راينا من يطالب بإغلاق البنوك اسوة بباقي المؤسسات لعدم مقدرة التجار سداد شيكاتهم، فهم يرفضون ان تبقى البنوك مفتوحة وهم غير قادرين على العمل لتسديد شيكاتهم، وكذلك هناك فئات كثيرة لم يعد لديها المال لشراء الاحتياجات الاساسية، واعتقد ان استمرار الحجر الجماعي سيفاقم حالة العوز والفقر ويحدث بلبلة في الشارع الفلسطيني ولذلك لا بد من اللجوء إلى سياسة متوازنة بين الإغلاق والفتح بحيث يتم التشديد فيها على ضرورة اتباع اجراءات السلامة الفردية مع ممارسة الأعمال بشكل محدود.