فلسطين أون لاين

حتى لا يصبحوا في "جُزُرٍ منعزلة"

تقرير في إدارة الفريق عن بعد.. مهارات يجب أن يمتلكها القائد الافتراضي

...
275121-لتقليل- النفقات- وتحسين الإنتاجية.. تعرف على أسباب فشل فرق العمل الافتراضية.jpg
غزة/ يحيى اليعقوبي:

يعتقد البعض أن صفات القائد مهما اختلفت مهمته هي نفسها بغض النظر عن المكان الذي يكون فيه المدير، ولكن الواقع مختلف، فالصفات تختلف باختلاف موقعه وطبيعة العمل ونوعية الفريق، وأهم هذه الاختلافات كون الفريق واقعيا أم افتراضيا، فتوجد فروق كبيرة تتعلق بإدارة الفريق عن بعد، والمهارات التي يجب أن يتحلى بها القائد.

خلال الأعوام الأخيرة، دمج كثير من المؤسسات بين العمل في المكاتب والعمل عن بعد، وهناك عمل عن بعد بالكامل، والنقطة الأهم هنا امتلاك القادة مهارات ضرورية لقيادة الفريق، وعززت أزمة فيروس "كورونا" هذا التوجه، وأصبحت اللقاءات والندوات تعقد عن بعد، وتدير الشركات موظفيها عن بعد. الكثير من الأشخاص تقطعت بهم السبل فلجؤوا إلى العمل ضمن فرق في مجالات مختلفة مثل التصميم والبرمجة.

القائد الذي يمكنه التواصل بوضوح وفاعلية، يمكنه التأثير أكثر من غيره، فمهارات التواصل ستمكنه من حل النزاعات، والتأثير في فرق العمل، وتدريبهم وتحفيزهم؛ وفق خبراء في التنمية البشرية.

ومهارات التواصل في العالم الافتراضي تعني –كما يقول الخبراء- استخدام التكنولوجيا المناسبة للتواصل مع فريق العمل وعقد اجتماعات افتراضية فعالة ومؤثرة، والاستماع وفهم ما يريده الموظف، والتمكن من كسب ثقة العاملين، فهذه عملية ليست سهلة؛ لأنهم لا يتواصلون وجها لوجه، وزرع هوية الشركة الجامعة؛ لأنه قد يتعامل مع أشخاص تختلف جنسيات عملهم، والتأثير عن بعد، فهذه مهارة تُكوِّن لدى القائد الافتراضي فرصا أقل مقارنة بالقائد التقليدي، تتمثل في المقدرة على مخاطبة المنطق أو القيم والقناعات.

النزاعات وسوء الفهم يكثر في العمل عن بعد، خاصة أن القائد لا يراها أمامه، وعليه فإن عملية حلها أولا بأول عامل مهم حتى لا يصبح كل منهم في "جزيرة منعزلة" ويتفكك العمل شيئا فشيئا، ومن المشكلات هنا، أن في بيئة العمل الافتراضية يسهل إغراق العاملين بالمهمات التي لا حصر لها، لذا يجب عدم تكليف الفريق بما يفوق طاقته، ومتابعته أولًا بأول بتحديد جدول للعمل ومراحله، وتحديد مواعيد للتسليم؛ كما يضيفون.

وبناءً على دراسة أجرتها شركة أمريكية متخصصة في اتجاهات العمل والإنتاجية في عام 2019 الماضي، تناولت 1004 موظفين وموظفات (505 منهم يعملون من خارج مكاتب الشركة)، تبين بوضوح أن الذين يعملون عن بعد هم أكثر إنتاجية من الذين يعملون في مكاتب الشركة، وما خلصت إليه الدراسة، أن العمل عن بعد فعّال، لكن يجب تطبيقه تطبيقًا صحيحًا، وهو قد لا يكون ملائمًا لكل موظف أو لكل نوع من الأعمال.

ومن أنواع العمل عن بعد، العمل من المنزل، حيث يرتبط بمكتب مركزي ويستخدم وسائل اتصال بالمركز الرئيس، مثل: الهاتف والحاسوب والبريد الإلكتروني، ويرتبط العمل أيضا بمكتب تابع، مثل: مكتب فرع لتخفيف تنقل الزبائن والموظفين، وبالعمل المتنقل، وهذا يُحسب بما يتوافق مع الإنجاز، وليس كما الوظائف التقليدية.

التعامل من خلف الشاشة مختلف

"أنا اليوم في سنتي السادسة للعمل عن بعد، وأرى أن أهم خصلة يجب أن تتوافر، أن يكون الفرد مستعدًا لتوسيع مداركه، وتبرير النص الذي يحمل أوجها عدة، وأن يدرك أن التعامل مع الناس من خلف الشاشات مختلف عما أمامها، وأن النص الذي نقرؤه بعين، يقرؤه آخرون بعين مفسرة أخرى، وعلينا أن نتفق في كلمة ما".

صاحبة الفقرة السابقة، هدى العف وهي صحفية بدأت العمل عن بعد منذ عام 2014، ثم انتقلت للعمل في التحرير الصحفي للمؤسسة ذاتها، وتقود وتتابع فرق عمل.

تقول العف لصحيفة "فلسطين": "واجهت صعوبة كبيرة في البداية، في توفير الأدوات اللازمة لاستكمال العمل، وهو ما يعني بالضرورة، وجود كهرباء مستمرة تضمن عدم الانقطاع، وجهاز حاسوب يتحمل ساعات العمل بالتحرير، إضافة إلى وجود شبكة إنترنت قوية تمكنني من رفع المواد واستقبالها والتعامل المتواصل مع الفريق".

لوقتٍ طويل، كان توفير التقنيات مهمة صعبة، وكان الخلل يدخل من هذه الثغرات، وبدْء التعرف على مهارات إضافية؛ لأن العالم لا ينتظر و"لا وقت للانشغال بالخلل التقني"، في حين يتقدم العمل والمهارات وتزداد المهام أيضًا. كما تضيف.

يتطلب الأمر كذلك التعرف على مهارات التواصل عن بعد، تبعا لكلامها، والتقنيات التكنولوجية للوسائل التي يُعمل من خلالها، فمثلًا وسائل التواصل أصبحت اليوم بيئة مشتركة لانطلاق العمل عن بعد، وكذلك تطبيقات "سلاك وتريلو"، إضافة إلى الاجتماعات عن بعد عبر تطبيق "زوم" أو ما يشابهه، وهذا يعني بالضرورة وجوب معرفة استخدام كل هذه التطبيقات، وتذكروا: "العالم لا ينتظر.. والعمل يريدك عارفًا لا مجربًا".

يومًا بعد يوم، يصبح العمل عن بعد، سمة العمل في العالم، "ومن ثم تتوافر له الإمكانات المتواصلة ليصبح أسهل، كونه الأكثر تعاملًا وديناميكية" تتابع: "وأمام هذا يتطلب أن يطور الإنسان نفسه كي يواكب، وكي يقدم الأفضل، عبر تطوير مهاراته التواصلية أو التقنية أو المعرفية أو استخدام السوشيال والتعامل مع الناس، سواء بالتدريبات أو خوض التجارب التي نتعلم منها دروسًا لا تتوقف".

ترى أن العمل المكتبي والعمل عن بعد، يحملان مميزات وسلبيات، وأن أنصار المكتبي يعولون على التواصل الوجاهي، وإمكانِ إدارة الفريق عن قرب، ومعرفة الثغرات ونقاط الضعف ومعالجتها، إضافة إلى مراقبة التغيّرات وأداء الفريق والتزامه مراقبة أكثر دقة.

لكن العمل عن بعد (تتابع) يقدم اليوم ميزات إضافية، منها: سهولة العمل من أي مكان تتوافر فيه شبكة الإنترنت، ويجعلك تقيم في أكثر من دولة بالعالم، إضافة إلى العمل بنطاقات أخرى، ومتابعة شأن بعيد عن منطقتك عبر مراقبة السوشيال ميديا، كما يمكن للإدارة متابعة شؤون العاملين عبر تطبيقات ومنصات حول وجودهم وتنبيههم ودراسة أوضاعهم، ومنحهم مساحة أوسع.

"النص الذي يحتمل أكثر من وجه، يفسره اتصال أو صوت أو مكالمة، أو مشاركة عبر الفيديو، وهو يقدم مساحة نفسية، كما يوفر ميزانية المصروفات الواقعية التي يسببها العمل المكتبي"، إلا أن هناك صعوبة في الهرب من بيئة المنزل إلى بيئة العمل بلا خلط أو خطأ، لكن يمكن تداركها بالوقت، وتعزيز الفصل أكثر.

صفات القائد

يحدد الاستشاري في التطوير والإداري والإعلامي صابر أبو الكاس، الصفات العامة للقائد من أي مكان، وأولاها التخطيط؛ لأن "القيادة دون تخطيط لا تحقق الأهداف، كما أن القائد يجب أن يضع الأفراد ومن يعملون تحت إمرته في صورة التخطيط وعمليته، وتنفيذ إجراءات التخطيط، وتنفيذها، ويجب أن يحتوي على أشياء عدة، مثلا: أن ينظر القائد مع فريقه إلى الماضي ويدرسه جيدًا ثم يقرأ الحاضر ويتنبأ بالمستقبل حتى يستطيع الوصول لأهداف حقيقية.

الأمر الآخر –يضيف لصحيفة "فلسطين"-، القدرة على التنظيم "فالقائد الفعلي يجب أن يكون لديه مقدرة على التنظيم الجيد، وتوزيع المهام والأوامر والمسؤوليات على أفراده توزيعًا صحيحًا، كلٌ وفق مهاراته وقدراته المختلفة"، يتابع: "نتحدث في التنظيم عن ترتيب الأولويات والبدء بالشيء الأكثر أهمية".

ويجب أن يتميز القائد، وفق أبو الكاس، بالمقدرة على التفويض بعكس المدير، فالقائد يفوض الشخص المناسب تحت إمرته بمهام معينة يؤديها، ويسعى من خلالها إلى توليد قيادات جديدة يمكن أن تحل مكانه مستقبلا، لأنه يعتقد بضرورة توريث القيادة وألا تكون حكرا عليه وحده بعكس المدير.

الأمر الآخر يجب، أن يلم بالمهارات الإنسانية التي يفتقر المديرون إليها، وأن "يكون عنده فن اتصال وتواصل وذكاء اجتماعي ومعرفة جيدة في التعامل مع الأشخاص، والتخفيف عنهم وتحفيزهم، وأشياء عديدة لها علاقة بالمهارات الإنسانية"، أضاف.

ويقول: "القائد يحفز ويطلب ولا يأمر كما المدير، ويحفز العاملين نحو تحقيق الأهداف، ويطلب من الآخرين تأدية المهام، ليس بصيغة الأمر بل بصيغة التشارك في القرار، وأخذ المشورة منهم في الخطط والقرارات إن كانت صائبة أو إن كان لديهم ملاحظة على آلية تطويرها بهدف الارتقاء في العمل".

كذلك القائد الناجح يتعاون مع الفريق ويأخذ بأيديهم، ويعرض مساعدتهم وحل مشكلاتهم، ولا يحمّل العاملين الخطأ في المؤسسة، وعادة يتحمل هو المشكلة.

 

 

 

 

 

 

 

المصدر / فلسطين أون لاين