فلسطين أون لاين

اعترافات إسرائيلية في ذكرى الانسحاب من غزة

يحيي الفلسطينيون والإسرائيليون في صيف كل عام ذكرى الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة قبل 15 عامًا، وسط مخاوف إسرائيلية من نقل هذه التجربة الى الضفة الغربية، سواء عبر خطة الضم، أو صفقة القرن.

تظهِر مراجعة سريعة لأهم الكتابات الإسرائيلية التي نُشرت في الأيام الأخيرة إحياء لهذه الذكرى حالة من الإحباط غير المسبوق، ولم يتورّع بعض الكتاب عن القول إن الانسحاب من أكثر الخطوات التي اتخذتها إسرائيل حُمقًا على الإطلاق، لأنه لم يحقق أهدافه المحددة، بل إنه أسفر-وفق المواقف المعارضة له- عن جملة من النتائج أهمها تكثيف التهديد الأمني على إسرائيل، وعدم تراجع العداء الدولي لها.

ويزعم المعارضون أن الانسحاب نجم عنه مجموعة من الإخفاقات، رغم أن المحيطين بأريئيل شارون رئيس الحكومة والعقل المدبر للخطة، دأبوا على ترديد عبارة (هونغ كونغ الشرق الأوسط) عن غزة، في مرحلة ما بعد الانسحاب منها، واليوم بعد عقد ونصف العقد، تلقت إسرائيل دولة معادية تهدد حدودها الجنوبية -في إشارة لحماس المسيطرة على القطاع- رغم أنهم ينطلقون من فرضية مفادها أنه كان يمكن لشارون مواجهة الهجمات المسلّحة التي شنتها حماس قبيل تنفيذه، لكنه اختار الهرب، واليوم يدفع الإسرائيليون ثمن هذا اليأس في الوقت الراهن.

من أسباب انتشار التأييد الإسرائيلي الواسع للانسحاب من غزة زيادة الهجمات المتكررة ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في القطاع، وما وجدوه من صعوبة في التعامل مع ما بدا أنه إراقة دماء إسرائيلية لا نهاية لها، لذلك كان الوعد بوقف النزيف الذي أصاب قلوب الكثيرين عبر هذا الانسحاب.

يزعم رافضو الانسحاب من غزة أنه سمح لحماس بتحويلها لمعمل متفجرات كبير، وتشكيل جيش حقيقي، بما فيه ذراع جوي وآخر بحري وثالث بري، ومدينة أنفاق تحت الأرض، ومنظومة صاروخية يُتحكَّم فيها عن بُعد، لا يمكن لقبة حديدية ثمينة تحييدها، كل ذلك يواجهه عجز إسرائيلي.

وفي الوقت الذي يعلم فيه الإسرائيليون أن القضاء على البنى التحتية المسلحة في غزة سيكلِّفهم خسائر فادحة، فهو يتطابق مع ما ذهب إليه معارضو الانسحاب بأنه ظهر إسرائيل خاضعة للمقاومة المسلحة، وقد تشجع هذه العملية المزيد من الانسحابات تحت الضغوط ذاتها.

في الوقت نفسه فإن إسرائيل ليست معفاة من الفشل في حقبة ما بعد فك الارتباط، فالتعهد الفوري بأن أي انتهاك لسيادتها من غزة سيواجه برد فعل قاسٍ سرعان ما تحول لكلمات فارغة، حتى أن اختطاف غلعاد شاليط انتهى بعد خمس سنوات في 2011 بصفقة تبادل أسرى شجّعت حماس على المزيد من عمليات الاختطاف، وهذا وجه آخر من أوجُه الفشل الإسرائيلي من تطبيق خطة الانسحاب من غزة.