فلسطين أون لاين

أهلًا بكم في حكي حلو

 

هل يمكنُ الحصول على شجرةٍ دون بذرةٍ في رحم الأرض؟، دون شك "لا"، وهكذا الحال مع الكتابةِ والقراءةِ، فبذرةُ الكتابةِ هي القراءةُ، فأن تكتبَ وتتملكَ ناصية الكتابة يعني أنكَ نمتَ في حضنِ القراءةِ كثيرًا.

وعلى ذكر القراءة، فلقد توطدت علاقتي معها مبكرًا، وأنا سعيدٌ بذلك، فقرأتُ الكتب والبيانات والصحف والمجلات واليافطات المُعلقة في الشوارعِ وأعلى المحال التجارية، ويرجعُ الفضلُ في غرس البذرة الأولى في نفسي لقراءة الصحف لخالي "موسى أبو السعود" (رحمه الله)، فحينما كنا نذهب برفقة أُمي إلى الأردن كان يعود من عمله ومعه الصحيفة أقرؤها من الجلدة للجلدة "أفليها تفلاية"، فأبحثُ مع الشرطة عن اللص، وأصلحُ سوء العلاقة بين الكلمات المتقاطعة، وأساعد الأرنبَ على الوصولِ للجزرة.

ولما نعودُ لفلسطين أُطالعُ الصحف والمجلات عند حلاق الحارة "جودت الأصفر"، ثم بدأت أشتري من مصروفي الشخصي الصحف والمجلات الفلسطينية والمصرية من مكتبة "روحي صبح" (رحمه الله).

وحين قدر اللهُ لي السفر إلى المغربِ للدراسة الجامعية توطدت العلاقة مع صحفٍ جديدةٍ مغربيةٍ وعربيةٍ ذاتَ بُعدٍ دوليٍّ مثل الشرق الأوسط والقدس العربي، فقرأتُ زوايا لكتابٍ عربٍ ومغاربةٍ في مقهى "باليما" وسط الرباط، وبدأتُ أشعر برغبةٍ مُلِحَةٍ أن أنحو مثلهم، وأتمنى لو أن لي زاوية في صحيفة، تكون منبرًا أعتليه وأتلو على مسامع وأفئدة الجمهور أفكاري وأسراري، وشعوري وأشعاري، أعبر عن حزني وعن فرحي، وعن أملي وعن ألمي، دون إكراه، وكلي أمل أن يصبح لي قراء ينتظرون ما سأكتبه في الغد مثلما كنتُ أنتظر أنا ما يكتبه الكتاب، وتساءلت هل سيأتي ذلك اليوم؟

بدأتُ أكتبُ وأرسلُ، بعض الكتابات أخذت (like)، وبعضها (NO)، فأحزنُ وأفرح، حتى التقيتُ الزميل "تامر قشطة" صحفي في صحيفة فلسطين، شجعني أكثر واستعد لنشر ما أكتب، فرحتُ جدًّا، ومع الوقت عرفتُ من أين تؤكل كتف القراء؛ فالقارئ يُحبُّ أن يقرأ مقالًا ويشعر أن الكاتب يكتبه له "خص نص" يلامس همومه ومشاكله، ويضع له علاجًا ومقترحات ويمنحه طاقة إيجابية وسط البحر الهائج بأمواجه السلبية.

بقيتُ أكتبُ وأنشرُ وأنثرُ بذوري في بساتين كثيرة، وهذا شيء له ما له، وعليه ما عليه، حتى جاءتني بشارة أن صحيفة فلسطين تستعد لدخول النصف الثاني من هذا العام بثوبٍ أنيقٍ ورشيقٍ ودقيق، فتهللت أساريري، تناقشت مع رسولها بهدوءٍ وعنف، طلبتُ نافذةً خاصةً بي أطلُّ منها على القراء، حملَ الرسول الرسالةَ، وانتظرت الرد، فكان: "yes you can"، فرحتُ، ورحتُ أبحث عن الاسم الذي سيُعرف بي وأعُرف به، شاركت من أثق بذائقتهم اللغوية وحسهم الفني فكثرت أمامي الاختيارات، عملت "filter" حتى رست المناقصة على عنوان "حكي حلو".

"حكي حلو"، أتمنى أن يكون الاسم كالجسم، هي "بلكونة" سأطلُّ عليكم منها أُسبوعيًّا، نطوفُ معكم وبكم ولكم في بحر الأفكار نتناقش ونتنافس، نتعارف ونتعارك، ونَحلُّ مشاكلنا ونحن نحتسي فنجان قهوة الصباح، فأنا أُؤمن بأن كل شيءٍ قابل للتحقيق بالكتابة، فهي طبيب نفسي مميز بالأخضر يُحركُ الساكنَ ويُسَكِّنُ المتحرك.

هذا كل ما لدي، وقبل وداعكم، فضلًا وليس أمرًا، إن أعجبكم "حكي حلو" ففضل من الله، وإن لم يعجبكم يسعدني تلقي ملاحظاتكم وسأكون لكم من الشاكرين، فـ"رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي".