هل لدول الاتحاد الأوروبي الإرادة والقدرة على فرض عقوبات على دولة الاحتلال إذا ما أقدم نتنياهو على ضم أجزاء من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية؟! ثم هل تستطيع دول أوروبا مواجهة الموقف الأمريكي المؤيد لمشروع الضم؟!
نحن نعلم أن دول الاتحاد الأوروبي وقفت عاجزة أمام قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران. ونعلم أن دول الاتحاد الأوربي لا ترغب عادة في مخالفة البيت الأبيض، والدخول في مواجهة معه بسبب قضايا السياسة الخارجية. إن مصالح دول الاتحاد تكمن في علاقة جيدة وتحالفية مع أمريكا. (وأمريكا وإسرائيل) توأمان لا ينفصلان، و(إسرائيل) تتمتع بدلال في البيت الأبيض لا تتمتع به دول الاتحاد.
هذه المعطيات ذات الأبعاد البدهية تجعلنا نشك كثيرا في التصريحات المنسوبة لقادة دول الاتحاد، التي تذهب إلى القول إن عقوبات أوروبية ستفرضها دول الاتحاد على (إسرائيل) إذا ما مضت قدما في خطوات الضم. كثيرة هي الأعمال التي قامت بها (إسرائيل ) خارج القانون الدولي واستدعت تهديدات أوروبية بفرض عقوبات، ولكن دول أوروبا بلعت ريقها مرارا ولم تفرض هذه العقوبات، ولم تتراجع (إسرائيل) عن مشاريعها المخالفة للقانون الدولي.
خذ مثلا، دول أوروبا تعارض بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، وتراها أعمالا مخالفة للقانون الدولي، ولم تفرض دول أوروبا عقوبات لا على (إسرائيل) ولا على المستوطنات، وأخيرا وبعد مدة طويلة قررت بعض دول الاتحاد وسم منتجات المستوطنات بوسم يعرف المستهلك الأوروبي بها، ومن ثم هو صاحب القرار. ومثل آخر: ذهبت (إسرائيل) بتأييد أمريكي إلى ضم الجولان السوري المحتل للسيادة الإسرائيلية خلافا للقانون الدولي، وللسياسة الأوروبية المقرة في دول الاتحاد، ولم تفرض دول الاتحاد أي عقوبة عليها.
نعم، دول الاتحاد لديها قدرة على فرض عقوبات على (إسرائيل) فهي أكبر شريك اقتصادي لإسرائيل، ولكنها لا تقوم بذلك لأنها لا تملك إرادة كافية لهذا الفعل، هذا من ناحية، وهي من ناحية ثانية لا تغامر في مصادمة الموقف الأمريكي، لأن قضايا المصالح المشتركة بينهما فوق ما يسمونه القانون الدولي، وفوق ما نسميه نحن الحقوق الفلسطينية الثابتة.
من هنا فأنا لا أعول على موقف فرنسي بفرض عقوبات على (إسرائيل)، كما نسبت ذلك وسائل الإعلام إلى وزير خارجية فرنسا في رسالته الأخيرة إلى صائب عريقات. وما أشرحه لا يعني أني أطالب بإهمال دور دول الاتحاد الأوروبي، بل أدعو لتطوير الرفض الفلسطيني إلى أعمال من شأنها أن تقوي الموقف الأوروبي، وتجعله صلبا في الدفاع عن القانون الدولي.