فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

27 تجمعًا سكنيًّا يقطنها نحو 66 ألف نسمة

تقرير قرى الأغوار.. في عين عاصفة خطة الضم الإسرائيلية

...
غزة- يحيى اليعقوبي

"المستقبل مجهول ونحن على أعصابنا".. بين الخوف والقلق يعيش المواطن أحمد غوانمة وأهالي قرية "الجفتلك" وهم يرقبون ما ستؤول إليه الأمور مع قرب تنفيذ المخطط الإسرائيلي بضم أراضي "الأغوار" بالضفة الغربية.

ويهدد قرار الاحتلال نحو 27 تجمعًا سكنيًّا بالأغوار، وسط تخوفات سكانها من اتباع أسلوب "التهجير الذاتي" عبر تصعيد إجراءات الحرمان من الخدمات وقطع المياه بالكامل، لإجبارهم على الرحيل، سبقتها إجراءات ينفذها الاحتلال منذ سنوات بالتضييق والاعتقال، والمنع من البناء، والهدم، ومصادرة الأراضي.

ويبلغ عدد سكان تلك التجمعات نحو 66 ألف نسمة، وفي المقابل أقام الاحتلال 36 مستوطنة يجثم على أراضيها نحو 11 ألف مستوطن.

وتقع "الجفتلك" إلى الشمال من مدينة أريحا، ويقول غوانمة رئيس المجلس القروي فيها: إن الاحتلال صادر قبل سنوات 20 ألف دونم من أراضي القرية، ولم يتبقَّ سوى 20 ألف دونم أخرى محاطة بخمسة تجمعات استيطانية ومواقع عسكرية.

"كلنا قاعدين بنترقب ايش بده يصير".. يخشى غوانمة أن ينفذ الاحتلال قرار الضم؛ لأن ذلك سيمثل لهم "نكبة جديدة"، خاصة أن هذه القرى لم تسلم من إجراءات الاحتلال سابقًا، فهي تعيش صراعًا يوميًا معه، مبينا أن الاحتلال يواصل الهدم وتخريب المَزارع وتفتيش منازل القرية كل شهر، ويمنعهم من سقف المنازل بالباطون.

قرية المالح

"المالح".. قرية فلسطينية تقع غرب مدينة جنين، يخترق حدودها جدار الفصل العنصري الذي بُنِيَ عام 2003، حيث عُزلت تماما عن قرية طورة الغربية بعد أن كانتا تشكلان قرية واحدة، لكن الجدار حال دون ذلك، إذ لم يكتفِ الاحتلال بإقامة المستوطنات والجدار الخرساني في القرية، بل أقام بوابة حديدية على مدخلها.

رئيس مجلس المالح مهدي دراغمة، يقول لصحيفة "فلسطين": "إن القرية تعاني من إجراءات الاحتلال منذ عام 1967م، الذي يصنفها مناطق عسكرية إسرائيلية، ويوجد فيها 19 تجمعا فلسطينيا يعتمد سكانها على الزراعة، لكن الاحتلال حوّل جزءًا من أراضي المالح إلى محميات طبيعية ومستوطنات ومناطق عسكرية مغلقة، فضلًا عن فرض غرامات وأوامر هدم، وحرمان أهالي القرية من الخدمات الأساسية".

ولم يحرم الاحتلال أهالي القرية من الخدمات فقط، بل حرمهم الاستفادة من 30 نبع مياه، واستمر بمصادرة مياه الينابيع لصالح المستوطنات دون أن يستفيد أهاليها منها، حتى جفت الينابيع، وفق دراغمة.

ويسكن في القرية نحو 2000 شخص، وأغلب التجمعات فيها هدمها الاحتلال أكثر من مرة، مردفا: "الاحتلال يسيطر على كل شيء على الأرض، ونحاط بخمس بؤر استيطانية، ونعاني مصادرة دونمات واعتقال الرعاة، وعدم السماح لنا بالبناء".

عين البيضا

في شرق محافظة طوباس، وعلى امتداد نهر الأردن، تلاحق قوات الاحتلال الإسرائيلي ما تبقى من دونمات لأهالي قرية "عين البيضا"، في حين تحرمهم نسبة المياه التي انتزعوها بقرار من المحاكم الإسرائيلية.

ويقول رئيس مجلس القرية مصطفى فقها لصحيفة "فلسطين" إن القرية تعتمد على الزراعة المروية، وتبلغ مساحة أراضيها 7 آلاف دونم، وصادر الاحتلال المساحة نفسها، وبقيت حوالي 10 آلاف دونم صنّفها الاحتلال مناطق عسكرية، ويحاول السكان التشبث بها حتى آخر رمق.

وأضاف: "دائمًا هناك مواجهات وملاحقة على هذه المساحة، فنحن نزرع الأرض ونرفض تلك الإجراءات، لكن جيش الاحتلال ما فتئ يلاحقنا"، مشيرًا إلى أن القرية تضم 1800 نسمة.

وعن مشكلة المياه قال فقها: "حياتنا مرتبطة بالمياه، لكن الاحتلال وضع يده عليها، ولم يمددنا سوى بنسبة محدودة مصدرها شركة (ميكروت) الإسرائيلية، بعدما حصلنا على قرار من المحكمة العليا الإسرائيلية بالحصول على 4 ملايين و200 ألف متر مكعب من المياه سنويا، لكنه لا يزودنا إلا بنحو مليوني متر مكعب سنويا فقط".

وبالنسبة لتجمع القرى الفلسطينية المحاذية للأردن أشار إلى وجود علاقات ونسيج اجتماعي ونسب ومصاهرة قائمة مع المدن الأردنية، ولا يتخيل فقها كيف يمكن أن يقطع الاحتلال هذا التواصل إذا ما نفذ الضم، فضلًا عن تنقل طلبة قرى الأغوار للتعلم في جامعات الضفة الغربية.

ويقول مدير مكتب مركز أبحاث الأراضي في نابلس محمود الصيفي: "عندما نتحدث عن خطط الضم الإسرائيلية لمناطق الأغوار، فإننا نعني مساحة كبيرة تمثل 30% من مساحة الضفة الغربية، خاصة أن الاحتلال لديه خطط لضم جزئي أو شامل للضفة".

وبحسب الصيفي فإن مساحة الأغوار تصل لقرابة 1700 كيلومتر مربع، لكن الاحتلال سيعمل على ضم الأراضي الواقعة خلف الجدار، البالغ مساحتها 10% من مساحة الضفة بمعدل 720 كيلومترًا مربعًا، فضلًا عن ضم 198 مستوطنة، 53 منها تقع في قلب الضفة".

وحول مصير قرى الأغوار أوضح الصيفي أن الاحتلال الإسرائيلي لن يضم السكان، والمقصد بالضم هو إخضاع الأرض للقانون الإسرائيلي، أي ضم "قانوني" من وجهة نظرهم، وتصبح "القوانين" الإسرائيلية سارية على هذه المناطق كما حيفا ويافا. ولفت إلى أن الاحتلال سيعمل بعد الضم على "الرحيل الطوعي"، ويراهن على التأثير الاختياري للناس بالمغادرة، من خلال تشديد إجراءاته ضد السكان.