شهدت المناطق الفلسطينية وخاصة الضفة الغربية ارتفاعًا حادًّا في عدد المصابين بكورونا، الذي قد يصل خلال أيام قليلة إلى 2000 حالة.. في الشهور الثلاثة الأولى كان انتشار الوباء محدودًا ومضبوطًا بسبب تقييد حركة المواطنين في أرجاء الضفة الغربية، ولكن بعد رفع القيود ارتفعت الأعداد بالشكل الذي نراه حاليًّا.
فرض منع التجول سيؤدي بالضرورة إلى الحد من انتشار الوباء بصورة فعالة، ولكن بعد أشهر من الجلوس في البيوت، وانقطاع دخل التجار والعمال وحتى الموظفين، لن يكون الأمر سهلًا على الإطلاق، فالحكومة غير قادرة على دفع رواتب الموظفين، فضلًا عن دعم صمود باقي الفئات للالتزام في بيوتهم كما تفعل الدول الأخرى، وهذا يعني أننا أمام خيارين: إما النجاة من كورونا والصبر على الجوع والأمراض النفسية، وإما الخروج وممارسة الحياة الطبيعية مع التزام الإجراءات الوقائية ثم تحمل عواقب هذا الخيار.
قبل أيام خرج رئيس الوزراء وأمر بمنع كل المظاهر التي تساعد في انتشار الوباء، ومن ذلك حفلات الأعراس والدواوين والتجمعات التي قد تزيد على 50 شخصًا، ولكن في اليوم التالي، توجه آلاف الأشخاص من حركة فتح لدعم موقف الرئيس من قرار الضم، أحد المسؤولين قال إنه خصص أكثر من 5000 كرسي للمدعوين، وسيُفرض التباعد على من لا يتوفر لهم مقاعد، ثم خرج المتحدث باسم الحكومة ليؤكد أن الاحتفال سيتم ضمن شروط السلامة المطلوبة، وبعدها قال الوزير أحمد المجدلاني إنه ستخرج مظاهرات حاشدة ضد قرارات الضم في مناطق في الضفة الغربية.
مثل هذه التصرفات تجعل المواطنين في حيرة من أمرهم، كيف يمكن لعشرات الآلاف أن يخرجوا للاحتفال بحجة التزامهم إجراءات السلامة ثم يُمنع عامة الناس من أعمالهم ومصالحهم أو البحث عن لقمة عيشهم.
ما أريد الوصول إليه أن الحكومة أصبحت بين نارين، نار فرض التجول على الناس ومواجهة تذمرهم، ونار إطلاق الحريات ومواجهة كورونا، ولكنني مع الخيار الآخر، مع التشديد على التزام الإجراءات الوقائية كما هو متبع في الاحتفالات الحزبية، وهذا سيكون خيار منظمة التحرير أيضًا؛ لأنها لن تستطيع إظهار أو إثبات رفضها للقرار الإسرائيلي بالضم إلا بهذه التظاهرات، بغض النظر عن إن كانت فعالة أو مجرد شكليات لا تقدم ولا تؤخر.