من خلال نشاطها في موقع فيسبوك وغيره، وجدت عقبة تواجه ذوي الإعاقة في معظم الدول العربية ألا وهي الحاجة إلى تفعيل القانون الخاص بهذه الفئة، فاتخذت على عاتقها إطلاق مبادرة سفراء جسور الأمل.
عملت بكل قوتها على تحقيق خطتها الاستراتيجية على مستوى عربي بأن يكون الأشخاص ذوو الإعاقة شعاع الأمل، والعمل على تطبيق وتفعيل القوانين حسب كل دولة عربية، ويكونوا يدا ضاغطة على كل وزارة أو مؤسسة معنية بذوي الإعاقة والتركيز على المرأة.
سائدة جاد الله (53 عامًا)، ولدت في قرية صغيرة قرب مدينة رام الله، وبعد خمسة أشهر من ولادتها بدأت حرب الـ67م، لتبدأ معاناتها ومعاناة الشعب الفلسطيني من جديد.
تسرد لصحيفة "فلسطين" قصتها بقولها: "لم أكن أعلم أن وجودي في رحم أمي ذلك المكان الضيق أفضل من ذلك العالم الواسع، فبعد خمسة أشهر من ولادتي بدأت حرب 1967، واحتل الاحتلال ما تبقى من فلسطين، وكأن الشقاء ولد معي لكل فلسطين".
في أول أعوامها مرت حياتها طبيعية رغم معاناة التهجير القسري التي عاشتها برفقة عائلتها، والتحقت في المدرسة وكانت تحصل على وسام التميز بين زميلاتها، إلى أن حُرفت البوصلة وكأنها تعيش في حلم واستيقظت منه.
تضيف جاد الله: "أقفلت جفوني في تلك الليلة وأنا أفكر في امتحانات الفصل الأول للصف الخامس، نمت وحلمت واستيقظت، فتحت عيني وحاولت المشي كالعادة ولكن أحسست بثقل في رجلي، فركت عيني وحاولت مراراً ولكن لم أستطع حتى الوقوف، نقلت إلى مستشفى رام الله الحكومي ومن ثم إلى مستشفى هداسا في القدس، حتى صدر الحكم النهائي وكان حكمًا قاسيًا هو الإعاقة، والسبب عدم تناول التطعيم بسبب التشرد في الجبال خلال حرب 1967".
بعدها أصبحت تعاني من صدمة نفسية لاستخدامها للكرسي المتحرك، والعيش وسط محيط جديد فيه أناس أغراب ومكان غريب، و"فجأة أصبحت حياتي جحيمًا، فكنت بين نارين إما أن أستسلم، أو أقهر الزمن وأسير واثق الخطوة"، وفق حديثها.
بعد عامين تأقلمت على الجو الجديد، وكونت علاقات مميزة مع طاقم المؤسسة، وقررت أن تعود للدراسة من جديد وتتحدى الإعاقة من ناحية نفسية واجتماعية، "ففي اليوم الأول في المدرسة كان من أصعب أيام حياتي، فكيف لي أن أقاوم عيون الناس التي ترقبني بحزن، وأخرى بتعجب، وتحدق، فتجاهلتها وصوبت نظراتي نحو هدفي وإرادتي".
انتقلت إلى مدرسة أخرى لمرحلة الثانوية، وفي البداية رفض مدير المدرسة تقبلها، ولكن شاءت الظروف والتحقت بالقسم التجاري في الطابق الأول، لتثبت فيما بعد للمدير بأنها مجتهدة، وغيرت فكرتهم بأن يؤمنوا بطاقة الشخص ذوي الإعاقة وأنهم ليسوا عجزة.
تتابع جاد الله: "من هنا بذلت جهودًا مضنية لإقناع إدارة المدرسة بقبولي وتأمين الاحتياجات المادية لتخطي كل الحواجز لدمجي في المدرسة، فتمكنت من إنهاء دراستي دون عقبات، وفتحت الطريق أمام أخريات من ذوي الإعاقة".
التحقت بالكلية الإبراهيمية ودرست في مجال إدارة الأعمال ثم التحقت بالجامعة، أحبت العمل التطوعي لما له من أهمية في نهضة المجتمع، ونشر روح التعاون، حيث تطوعت في مؤسسة الأميرة بسمة، وتعمل حاليًا كسكرتيرة إدارية، وعملت في المؤسسات لمدة 20 عامًا.
وتشير جاد الله إلى السبب في حصولها على جائزة فلسطين الدولية التميز والإبداع عام 2016م لجهودها التطوعية في بعض المؤسسات، ولكونها أول طالبة تدرس في المدارس الأصحاء عام 1980م، والحاصلة على الشهادة الجامعية من ذوات الإعاقة.
لدينا عدة مبادرات من أهمها صانعة الأمل بالأمل، ومبادرة سفراء جسر الأمل، والتي لمست فيها معاناة أشخاص ذوي الإعاقة من مختلف الدول العربية من عدم تطبيق القانون الخاص بذوي الإعاقة، والعمل على توفير فرص عمل والاعتماد على النفس من خلال مشاريع مدعومة من الحكومات.
وتطمح جاد الله لإكمال دراسات عليا بتخصص حقوق ذوي الاعاقة، موجهة رسالتها للمجتمع بأن يعاملوا ذوي الإعاقة كإنسان كامل صاحب عقل، مستندة لقول الشاعر "لا خير في حسن الجسوم وطولها.. إذا لم يزن حسن الجسوم عقول"، وأن يقدروا دور هذا الإنسان الذي يتمسك بأي بريق أمل يتاح له ويساندوه ويدعموه.