شدد البرلمان العربي على أن "السلام" القائم على مبدأ حل الدولتين استنادًا إلى الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية هو الحل الوحيد الذي يضمن إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، كما دعم البرلمان قرار الرئاسة الفلسطينية بقطع كل أشكال العلاقات مع قوة الاحتلال، والتحلل من الاتفاقيات والالتزامات الموقعة معها.
قبل التعليق على موقف البرلمان العربي على قرار الضم الإسرائيلي نؤكد أن كل الصراخ والتظاهر بالغضب من الجانب العربي الرسمي أو ما يصدر من احتجاجات وتنبيهات من المجتمع الدولي أو مجلس الأمن تجاه العدو الإسرائيلي ما هو إلا ذر للرماد في العيون، ومحاولة لتخدير الشعب الفلسطيني، وإعذار للقيادة الفلسطينية بأن الجميع قاموا بواجبهم ولم يقصروا، فهذه المظاهر التمثيلية تسبق كل مصيبة سياسية يُحضَّر لها ضد القضية الفلسطينية وشعبنا، ولذلك نحن كشعب لا نقيم وزنا لكل تلك المظاهر الزائفة، ولا نعفي أي طرف من تخاذله وتآمره وامتناعه عن القيام بالخطوات الصحيحة لمنع دولة الاحتلال من ارتكاب جرائمها.
ماذا فعل البرلمان العربي عند نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؟ علنًا ارتفع صراخهم، وسرًّا قدم بعض الزعماء العرب لنتنياهو على ذلك الإنجاز، ماذا فعل البرلمان العربي في قضية حصار غزة أو استمرار الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس؟ تلك أمور أصبحت طبيعية وواقعية بالنسبة لهم، ولا يريدون من يزعجهم أو ينغص عليهم بتذكريهم بجرائم الاحتلال وتخاذلهم، أو لنقل لتآمرهم. وأنا هنا لا أستثني القيادة الفلسطينية لأنها سكتت عن غالبية الجرائم التي ذكرتها.
البرلمان العربي عدَّ المبادرة العربية للسلام إحدى المرجعيات، ولكن العرب لم يلتزموا بها، وبمجرد ان وقَّعوها عام 2002 بدأت الهرولة العربية والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وطعنوا منظمة التحرير وقادتها في الظهر، ولذلك نرى أن بعض الأنظمة العربية لا تخجل من نفسها وهي تكذب على القيادة الفلسطينية وعلى شعبنا، والأصل ألا يتم أي تطبيع مع المحتل الإسرائيلي إلا بعد انسحاب الاحتلال من كامل الأراضي المحتلة عام 1967، مع تأكيدنا أن المبادرة العربية للسلام هي خيانة لله ولرسوله وللشعب الفلسطيني والمسلمين كافة، لأن أساسها التنازل عن ثلاثة أرباع فلسطين، والتخلي عن الجهاد أو النضال ضد المحتل الإسرائيلي.
على القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير ألَّا يركنوا للجعجعة العربية والدولية ما دام لم يتحقق أي شيء على أرض الواقع، وعليها ألا تخرج علينا ببيانات النصر ما دامت جرافات الاحتلال تشق الجبال، وتهدم البيوت، وتهجِّر السكان الفلسطينيين، وتصادر أراضي جديدة.
ختاما أود الإشارة إلى أن كل ما يصدر عن الأطراف العربية والدولية بخصوص الرد على قرار الضم الإسرائيلي يركز على أمر واحد، وهو ضرورة إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، ولكن ممن يخافون؟ هل ستعلن بعض الدول العربية الحرب على المحتل إن أصر على قرار الضم؟ طبعًا لا، وألف لا، ولكن كلهم يخشون من المقاومة الفلسطينية بالدرجة الأولى، ومن ثورة الشعوب العربية ضد الأنظمة المتخاذلة بالدرجة الثانية، وأنا أستطيع التأكيد أن كل ما يقال يذهب هباء إلا ما تقوله المقاومة، فهي الوحيدة التي تتحدث وتعمل بواقعية، والمقاومة الفلسطينية هي فقط القادرة على لجم المحتل الإسرائيلي ورد كيد المتآمرين من بني العرب إلى نحورهم.