يقف إسماعيل أبو شنب في حقله ببلدة الفخاري شرقي خان يونس لابسا قفازات حماية في يديه، وهو يحمل صندوقا صغيرا أبيض اللون، محني الظهر يبحث بين شجيرات البامية ذات السيقان الطويلة التي تعلوها زهرة صفراء باهتة اللون، عن قرون البامية الخضراء، غير آبه بأشواك السيقان التي أصابت كفيه بجروح.

يمسح أبو شنب قطرات العرق عن جبينه فاردا ظهره يريحه قليلا بعد ساعتين من العمل، يلتقط بصعوبة البامية الخضراء لتشابه لونها مع أوراقها الكبيرة، ثم بدأت الشمس في الساعة العاشرة ترخي أشعتها الذهبية، فانسحب من الحقل بعد خمس ساعات من القطف.

يجلس أبو شنب (28 عاما) مستظلا بظل غرفة في الحقل، يضع في كفه الأيمن حبتين من البامية لنوعين مختلفين يزرعهما في العشر دونمات التي يستأجرها، إحداهما بيضاء والأخرى خضراء.

كل يوم يقطف نوعا واحدا بمساعدة إخوته الثلاثة وخمسة عمال يجمعونها في صناديق، ثم ينقلونها إلى السوق الساعة السادسة مساء لتجد طريقها إلى المستهلكين.

زراعة البامية تبدأ مبكرا في منتصف ديسمبر/كانون الأول في بيوت بلاستيكية لأنها محصول حساس تتلفه الأجواء الباردة، ثم تُزال عنه البيوت في 20 مارس/آذار لأن المحصول يحتاج إلى أشعة شمس لكي تنضجها، أما حصادها يبدأ من يونيو/حزيران حتى أكتوبر/تشرين الأول.

يقول أبو شنب الذي يسكن حي النصر بخان يونس، لصحيفة "فلسطين": "البامية البيضاء المدببة تتميز بالإنتاج القليل وسعرها أعلى من الخضراء ذات الحبة الطويلة ذات الإنتاج الغزير والسعر الأقل".

ومن المحصول الحالي يخزن بذور البامية لكي يبذرها في الموسم القادم، يبين أنه مع نهاية الموسم يترك بعض القرون على الشجيرات كي تجف، ثم يقطفها ويستخلص البذور منها، ومن ثم يخزنها بطريقة آمنة حتى لا تتلف.

ويضيف أبو شنب: "البامية زراعتها تحتاج إلى أدوية لمكافحة الحشرات، وماء بكثرة بمعدل سبعة أكواب للدونم يوما بعد يوم، وتتطلب أيدي عاملة كثيرة، لذا تعد من الزراعات المجهدة".

ويقول مزارعون إن جائحة كورونا أثرت على تصريف المنتجات الزراعية في الأسواق.

وفي الناحية الأخرى انشغل أنور بربر باستكمال قطف البامية وهو العمل الذي يقوم به من ثمانية أعوام، حيث يعمل منذ 16 عاما في الزراعة.

بربر يقطع المسافات يوميا بعد الفجر من رفح حتى بلدة الفخاري في خان يونس، ليكسب لقمة عيشه، ويعود إلى بيته حينما يخيم الظلام.

ويأمل بربر في حديث مع صحيفة "فلسطين"، بأن تنتهي تداعيات جائحة كورونا، على نحو تسوق فيه البامية بما يشجع المزارعين على الاستمرار بزراعتها.