مع الاقتراب الإسرائيلي من تنفيذ مشروع ضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن، تتابع الأخيرة بقلق، التأثيرات السياسية التي قد يخلفها إقدام إسرائيل على هذه الخطوة؛ لما لها من تداعيات على الاستقرار السياسي والأمني للمملكة.
الأردن الذي عبّر عن قلقه أن هذه الخطوة قد تؤثر في العلاقات مع إسرائيل، أعلن ملكه عبد الله الثاني أن خطوة الضم قد تؤدي لصِدام كبير معه، دون توضيح لتفاصيل هذا الصدام، مع أن التهديد الأردني لم يقتصر على ما تحدّث به الملك، بل جاء على لسان رئيس الوزراء، الذي أكد أن إقرار قانون الضم سيضع الأردن أمام فرصة لإعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل بكل أبعادها، مستدركًا أن المملكة لن تتسرع في اتخاذ أي إجراء.
لكن ما يُتداول في أروقة صناع القرار بالأردن حول الصِّدام مع إسرائيل، تبدي الأخيرة تجاهه اطمئنانًا أنه لن يتعدى خطوات رد الفعل، وقد يشمل استدعاء السفير الأردني من تل أبيب، وطرد السفير الإسرائيلي من عمّان، وتعليق بعض التعاون الأمني مع إسرائيل دون المساس بجوهر اتفاقية وادي عربة.
ترتبط إسرائيل بعلاقات متعددة المستويات مع الأردن، تعود جذورها لعام 1994، حينما وقَّعا اتفاق السلام المعروف بوادي عربة، وشمل الاتفاق نقاطًا تتعلق بترسيم الحدود البرية والبحرية بخليج العقبة، واحترام الاستقلال السياسي والسيادة لكل دولة، وتنسيق التعاون الأمني والاستخباراتي لحفظ الأمن، إضافة لتحديد حصص الطرفين من المياه في نهري الأردن واليرموك، كما شمل الاتفاق إزالة القيود المفروضة قبل توقيع الاتفاق، والمتعلقة بتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي بين الطرفين.
وخلال ذلك شهدت العلاقات الأردنية -الإسرائيلية مراحل من التوتر والرخاء، فعلى الصعيد الاقتصادي عززت إسرائيل من علاقاتها الاقتصادية مع الأردن بمجال الطاقة، كان آخرها توقيعهما في 2016 اتفاقًا يقضي بتوريد إسرائيل احتياجات الأردن من الغاز الطبيعي، بـ85 مليار متر مربع مكعب لمدة 15 عامًا.
قوبل هذا الاتفاق بمعارضة سياسية وشعبية في حينه، لكن المملكة لم تتحرك لوقفه أو الانسحاب منه، بالنظر لمكاسبه الاقتصادية، فمن جهة منحت إسرائيل امتيازات للأردن لتصدير الغاز بأسعار تفضيلية، وهي أقل من سعر السوق الدولي، وهو ما سمح بتوفير 300 مليون دولار سنويًّا، وباتت المملكة مكبَّلة بشروط الاتفاق التي حددتها إسرائيل، بدفع شرط جزائي بقيمة 1.5 مليار دولار، إن قرر أحدهما الانسحاب، أو تعليق الاتفاق.
تعتقد الأوساط الإسرائيلية أن المملكة قد تتخذ خطوات مدروسة للرد على مشروع الضم الذي تعتزم إسرائيل تطبيقه، ولكن بالنظر للتجارب التاريخية والتهديدات التي يطلقها الملك والمسؤولون الأردنيون تجاه إسرائيل، فإن سقف التوقعات هذه المرة قد لا يكون كبيرًا، وقد لا يتعدى التصريحات الصحفية التي تدين خطوة الضم، وتحذّر من تداعياته على مستقبل عملية السلام.