قال رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير إن القيادات الجديدة البارزة في الشرق الأوسط تريد تحديث بلادها، وتريد التأكد من عدم إساءة استخدام الدين وتحويله إلى أيديولوجية سياسية، وإن مكاتبه في دول الخليج عملت على تمتين العلاقة بين تلك الدولة ودولة الاحتلال (إسرائيل) مؤكدا أن تلك العلاقة تعد أكبر متغير في اللعبة في الشرق الأوسط.
إن وجود صداقات وعلاقات قذرة بين بعض الأنظمة العربية ودولة الاحتلال (إسرائيل) ليست سرا ولكن بلير كشف عن إحدى الطرق التي تمت فيها ترقية العلاقات العربية المشبوهة مع العدو من السر إلى العلن، فنحن نعتقد اعتقادا جازما أن الخيانة من جانب أطراف عربية بدأت منذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي لأي شبر من فلسطين، فالتواطؤ سبق الاحتلال الفعلي بكثير، ولذلك ما نراه الآن من ضغوط عربية على المحتل الإسرائيلي للتراجع عن قرار الضم ليس بهدف حماية الحقوق الفلسطينية، ولكنها تشبه كثيرا نصائح الشاباك الإسرائيلي الذي يعتقد أن عملية الضم في الوقت الحالي قد تهدد الأمن الإسرائيلي، فضلا عن إثارة الشعوب العربية وتهديد استقرار الأنظمة الحليفة للمحتل الإسرائيلي .
القيادات العربية التي تسعى إلى تحديث بلادها والتأكد من عدم إساءة استخدام الدين معروفة دون أن نذكرها، ولكن ما الذي تم تحديثه سوى آلات وأدوات القمع والقهر والقتل وبناء الكثير من السجون لمواجهة الشعوب العربية؟ أما بالنسبة لقضية الإساءة لاستخدام الدين فهي لم تحدث إلا من طرفين، الأول: المتطرفون الجهلة بالدين والذين سفكوا دماء المسلمين مثل الدواعش، والثاني: أنظمة عربية تريد تفريغ الدين من محتواه حتى تصبح البيئة العربية مناسبة لبقاء الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والقوات الاجنبية الغازية في الوطن العربي، وعلى هذا الأساس تم تغيير المناهج الدراسية وحذف كل حديث عن الجهاد وعزة المسلمين وكرامتهم، وتم تغيير خارطة فلسطين حسب اتفاقية أوسلو، وقد يتم تغييرها لاحقا للتوافق مع صفقة ترامب، وكذلك تم الزج بعلماء الدين والسياسيين الأحرار في غياهب السجون، وفتحت الأبواب كلها للعلمانيين ولأهل الرقص والطرب والفنون الهابطة وأقيمت النوادي والملاهي ودور السينما في كل مكان ولم تسلم من ذلك أقدس الأماكن وأطهرها.
ما ذكرته آنفا ليس سرا، وكلنا يعلمه، ولكن كيف تثق بعض الأطراف الفلسطينية ببعض الأنظمة العربية التي تتآمر على شعبنا و قضيتنا وعلى ديننا الحنيف؟ الشعب الفلسطيني لن تقوم له قائمة ما دمنا نداهن وننافق لمن يحالف الاحتلال ويطبع معه، وما دمنا نضحك في وجه من يقتلنا ويتآمر علينا.