رغم الانتقادات القادمة من الخارج تجاه خطة الضم الإسرائيلية، لكن الإسرائيليين يظهرون، في معظمهم، توافقًا حول تنفيذها، بحيث ينتهي الجدل الأيديولوجي حول مستقبل الأراضي المحتلة عام 1967، لأنه بعد أن تم التخلي عن سيناء المصرية بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد في 1979، فقد نشأ هناك إجماع إسرائيلي حول الأهمية الأمنية لهضبة الجولان السورية، حيث يؤيد أكثر من 70٪ منهم الحفاظ على السيطرة عليها، وعززت الأزمة الداخلية في سوريا هذه المواقف.
وجاء اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان في 2019، ليضع القضية في مكانها، وبالمثل، لم يعد قطاع غزة موضع خلاف بعد الانسحاب أحادي الجانب منه عام 2005 ضمن خطة الانفصال بقيادة أريئيل شارون، أما فيما يتعلق بالضفة الغربية، فهناك أغلبية تؤيد الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية والقدس، الحرم القدسي على وجه الخصوص، وغور الأردن.
مع العلم أن استطلاعًا إسرائيليًّا حديثًا أجراه معهد القدس للاستراتيجية والأمن كشف أن أكثر من 60٪ من الإسرائيليين، وأكثر من 70٪ بين الجمهور اليهودي الأوسع، يفضلون توسيع القانون الإسرائيلي لهذه المناطق، وجاءت التركيبة الحالية للكنيست لتفضل دمج غور الأردن في (إسرائيل).
هنا يمكن استحضار أن عملية أوسلو مع الفلسطينيين جاءت مدفوعة بالرغبة بالانفصال عن المناطق العربية ذات الكثافة السكانية العالية، وشكل إنشاء السلطة الفلسطينية في 1994 تقسيما واقعيا، وإن كان فوضويا، وهناك عدد قليل جدا من الإسرائيليين الذين يدافعون عن استعادة مدن الضفة الغربية.
علاوة على ذلك، قامت إسرائيل ببناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية في 2002 كي يشكل حدودا مستقبلية محتملة، ما يشير لتصميم على الانسحاب الإسرائيلي من المراكز السكانية الفلسطينية، ووفقا لاستطلاع أجراه مؤشر السلام في 2018، يعتقد نصف الجمهور اليهودي الإسرائيلي أن الفلسطينيين يستحقون دولة مستقلة، لكنهم يعتقدون أن حل الدولتين سيكون مستحيلا.
الجدل الإسرائيلي الدائر اليوم يتركز حول مساحة الأرض التي سيتم التخلي عنها لصالح السيطرة الفلسطينية، فبالنسبة للجزء الأكبر، لم يتم وضعها في المنطق الأيديولوجي، ولكن في تقييم براغماتي لما هو مطلوب لأمن إسرائيل، فإن الإسرائيليين يفهمون أنهم عالقون في صراع مأساوي مع الفلسطينيين، وباتوا يتصالحون إلى حد كبير مع فكرة أن الدولة اليهودية يجب أن تعيش "بسيفها" في المستقبل المنظور، وجاء فشل مفاوضات كامب ديفيد 2000، ومؤتمر أنابوليس 2007، ومقترحات كيري-أوباما في 2014، ليعزز الشعور الإسرائيلي بعدم وجود خيار مع الفلسطينيين.
الاستخلاص النهائي أن انتقادات أقصى اليسار في (إسرائيل) والخارج على إجماع الإسرائيليين المؤيد للضم لن يؤثر في تطبيقها، لأن الأطراف الإسرائيلية المرتبطة بعملية أوسلو الفاشلة دفعت ثمنا انتخابيا باهظا، وفق النتائج الانتخابية الأخيرة للكنيست.