كشفت الأوساط الإسرائيلية في الأيام الأخيرة أن السلطة الفلسطينية زادت في الأسابيع الأخيرة من جهوزيتها واستعداداتها تحسباً لإخراج (إسرائيل) قراراتها الخاصة بالضم إلى حيز التنفيذ، حيث يستند سلوك السلطة لعنصرين أساسيين: الأول هو اتفاق بنيامين نتنياهو وبيني غانتس حول حكومة الوحدة، وبموجبها لن يكون للأخير حق الفيتو على أي تشريع لعملية الضم، والثاني هو الغطاء الأمريكي المتوفر لإسرائيل؛ فالضم سيكون جزءا من الحملة الانتخابية لترامب بعد أشهر.
شكلت السلطة لجانا عدة لمواجهة قرار الضم، تعمل يوميا، صحيح أنها تعمل لمواجهة سيناريوهات متوقعة، وأمام كل سيناريو تحضر عددا من خطط العمل ضد السياسة الإسرائيلية، لكن المهام التي تقوم بها هذه اللجان قد تكون دون جدوى، وبلا فائدة، ما دام سقفها السياسي مرهونا باستمرار العلاقة مع إسرائيل.
تتلخص الإجراءات السياسية التي تقوم بها السلطة لمواجهة الضم، فيما شهده أولا مقر الرئاسة الفلسطينية من عقد سلسلة مشاورات داخل فتح ومنظمة التحرير؛ لاستعراض السيناريوهات التي قد تواجهها المرحلة المقبلة، وثانياً متابعة الحسابات الشخصية على شبكات التواصل، وثالثا ما يجرونه من لقاءات يومية واتصالات هاتفية بوزراء الخارجية والدبلوماسيين الغربيين، ورابعاً التفكير المتداول حالياً بإقامة تحالف دولي ضد قرار الضم.
حتى اللحظة تكتفي السلطة بعدِّ قرار الضم الإسرائيلي، الواسع أو الجزئي، انتهاكا لخط أحمر، ويبقى التهديد الأساس الكامن بإلغاء التنسيق الأمني مع إسرائيل قيد الاختبار، مع أن الأمن ذاته يتحضر لمواجهة الرفض الفلسطيني لخطة الضم بالتصعيد الميداني، وباتت الأراضي الفلسطينية قابلة للاشتعال بأي لحظة، في ظل توافر جملة من العناصر الدافعة نحو انفجار يعقب إعلان الضم.
العنصر الأول هو استهداف اقتصاد الفلسطينيين، والثاني المخاوف الفلسطينية من استغلال إسرائيل لأزمة كورونا لإجراء تغيير في الحرمين القدسي والإبراهيمي، والثالث قلقهم من توظيف إسرائيل لدعم واشنطن.
تضع دوائر صنع القرار الإسرائيلي ومراكز التفكير فيها خارطة طريق تتضمن جملة من الخطوات العاجلة للحيلولة دون الوصول لذلك السيناريو الكابوس على خلفية مشروع الضم، أولها الحفاظ على مستوى معيشة الفلسطينيين بالضفة، وثانيها عدم اتخاذ عقوبات ضد السلطة كتقليص الأموال الشهرية، والثالثة التوقف عن إحداث تغيير للأوضاع الميدانية في الأماكن المقدسة الحساسة، والرابعة تحذير حماس بعدم توتير أوضاع الضفة من خلال الهجمات المسلحة.
خلاصة القول: إن السلطة الفلسطينية المتخوفة من خطة الضم، وتواصل إطلاق تهديداتها العنيفة تجاه إسرائيل، تبدو في الوقت ذاته حذرة من كسر كل أواني اللعبة معهما، مع أن خوف الإسرائيليين من السيناريو الأكثر تطرفا في الساحة الفلسطينية يتمثل بمظاهرات عنيفة، قد تؤدي لانهيار السلطة، أو تفككها، رغما عنها، عقب تنفيذ مشروع الضم في الأسابيع القادمة.