فلسطين أون لاين

التركية شعلة يوكسال شينلار.. أيقونة الحجاب

فُرض الحجاب على المرأة المسلمة منذ بداية الإسلام، فكان لها هوية وتميز وستر، وفي العصر الحديث حورب الحجاب، وارتفعت الأصوات المطالبة بخلعه وكشف شعر المرأة وجسدها، إلى درجة عد فيها الحجاب نوعًا من التخلف والعبودية للمرأة، خاصة من الجمعيات والحركات الداعية لتحرير المرأة، مثلما فعلت المصرية "هدى شعراوي" حين خلعت الحجاب أمام الملأ وداسته بقدمها قائلة: "انتهى عصر العبودية"، فما كان من الحاضرين إلا أن قابلوا سلوكها الشائن بالتصفيق والإعجاب.

ورغم موجات المد العاتية التي اجتاحت المجتمعات المسلمة وبذلت ما بوسعها وما تزال تسلك الدرب ذاتها لتغيير عقائدها، هناك مشاعل مضيئة لا تخبو، وإن ووري أصحابها الثرى، فما زالوا أصحاب الحق وأهله وصبروا وثبتوا وضحوا بالكثير لأجل ما يؤمنون به.

ومثال على ذلك الكاتبة الصحفية التركية شعلة يوكسال شنيلار، أيقونة الحجاب، التي ولدت بعد عقدين من انهيار الخلافة الإسلامية، عاشت في وقت سقطت فيه تركيا في مستنقع المنهج العلماني فمُنع الحجاب وحوربت مظاهر التدين في المجتمع التركي المسلم، فهبَّت شعلة تدافع عن حجابها ودينها، وتبثُّ الوعي لدى النساء وتتحدى مظاهر القمع السائدة لكل ما يمت للدين بصلة.

نتيجة ظروف عائلية صعبة، وفي سن صغيرة تركت المدرسة المتوسطة، وعملت مساعدة لخياط أرمني، ومن وحي خبرتها في الخياطة، صممت شعلة نمطًا خاصًّا للحجاب ارتدته وأطلقته لترتديه النساء المسلمات، وانتشر بين فتيات المدارس اللاتي تأثرن بها وقلَّدنها في طريقة لفّه على الرأس، حتى باتت طريقتها في ارتداء الحجاب هي الشائعة لدى التركيات المحجبات، وما زال شائعًا حتى اليوم، وانتقل إلى نساء العالم المسلمات.

كتبت شعلة مقالاتها في المجلات والصحف التركية وشاركت في مؤتمرات وندوات على امتداد بلادها، تحدت تعسف السلطة العلماني بشجاعة، وقد واجهت مجموعة من الدعاوي القضائية لكتاباتها المحرضة على التدين والحجاب.

رُفعت دعوى قضائية ضدها واتُّهمت بإهانة الرئيس وسُجنت، بعد نشرها مقالات، كان أحدها بعنوان: "ابكوا يا إخواني المسلمين" عبَّرت فيه عن حزنها بسبب استقبال بابا الفاتيكان بولس السادس بحفاوة لدى زيارته غير الرسمية لتركيا، والتنازلات التي أظهرتها السلطة التركية آنذاك، وعدته استهانة بمشاعر الأتراك المسلمين.

توفيت شعلة عام 2019م وتركت وراءها مجموعة من الكتب القيّمة والروايات المؤثرة، منها زقاق السلام التي حُولت إلى فيلم سينمائي ثم مسلسل متلفز، وكتب "الهداية"، و"ماذا حدث لنا؟"، و"المرأة في الإسلام"، و"المرأة اليوم"، و"كل شيء من أجل الإسلام"، و"دموع الحضارة"، و"فتاة وزهرة"، و"اليد اليمنى"، و"مدرس واعٍ".

رحمها الله وأسكنها فسيح جناته.