يسارع الاحتلال الاسرائيلي لفرض واقع جديد في الضفة الفلسطينية من خلال إحكام السيطرة على الأرض والحدود والموارد, الأمر الذي يفسر الحملات المسعورة لتجريف الأراضي وطرد السكان والاستيلاء على مساحات شاسعة لبناء مستوطنات جديدة.
على الرغم من أن بناء المستوطنات ينتهك بشكل واضح حقوق الشعب الفلسطيني والتي كفلها القانون الدولي ومن بين هذه الحقوق، تقرير المصير، المساواة، الملكية، في مستوى لائق للحياة، وحق الحرية والتنقل.
ويأتي جوهر هذه القرارات الدولية التي صدرت حول المستوطنات في أنها تضع قائمة من المحظورات التي لا يسمح للاحتلال بارتكابها أو فرضها على الفلسطينيين، وإلا عدت الخطوات والإجراءات الإسرائيلية غير مشروعة وترقى لمستوى جرائم حرب.
وفي السياق نقف عند أبرز القرارات والمعاهدات الدولية التي تنكر أي صفة قانونية للاستيطان وسياسة ضم الأراضي:
اتفاقية لاهاي 1907 تناولت المادة (46) بالقول لا يجوز للدولة المحتلة أن تصادر الأملاك الخاصة، كما أوردت في المادة (55) باعتبار الدولة المحتلة مديرا للأراضي في البلد المحتل ما يفرض عليها معاملة ممتلكات البلد معاملة الأملاك الخاصة.
كما استعرضت معاهدة جنيف الرابعة (1949) في المادة (49) بأنه لا يحق لسلطة الاحتلال نقل مواطنيها إلى الأراضي التي احتلتها بأي اجراء يؤدي إلى التغيير الديموغرافي فيها، وأعقبت المادة (53) كذلك في عدم إعطاء الحق لقوات الاحتلال في تدمير الملكية الشخصية الفردية أو الجماعية أو التابعة لأي سلطة في البلد المحتل.
وأصدر مجلس الامن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة عددا من القرارات بإدانة سلوك الاحتلال الإسرائيلي مطالبين بوقف البناء الاستيطاني والعمل على تفكيكه، فقد أصدر مجلس الامن القرار 1979/446 والذي يؤكد بأن الاستيطان ونقل السكان الإسرائيليين للأراضي الفلسطينية غير شرعي، وقرار 1979/ 452 ويقضي بوقف الاستيطان حتى في القدس المحتلة.
وقرارات أخرى تناولت ضرورة تفكيك المستوطنات ومنها القرار 1980/ 456، كما تم إدانة (إسرائيل) لعدم امتثالها لقرارات الشرعية الدولية من خلال القرار 1980/478، فيما طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20/ 12/1972 (إسرائيل) بالكف عن عدد من الإجراءات والممارسات ومنها انشاء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة.
فيما عبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن قلقها البالغ لخرق (إسرائيل) لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة، وجميع الإجراءات التي اتخذتها (إسرائيل) لتغيير معالم الأراضي المحتلة واعتبرتها انتهاكا للقانون الدولي.
وكان مجلس الامن الدولي قد وافق في 23 ديسمبر 2016 وبأغلبية ساحقة على قرار يطالب (إسرائيل) بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويؤكد عدم شرعية انشاء المستوطنات منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية معتبرا أن المستوطنات انتهاك صارخ بموجب القانون الدولي.
ولا شك أن هذه القرارات وعلى أهميتها لم تجد طريقها لتترجم عمليا على أرض الواقع، الامر الذي يفسر التغول الإسرائيلي المستمر ما ينبئ بكارثة حقيقية تنال من مستقبل الفلسطينيين على هذه الأرض، وتهدد مصيرهم لتجعلهم في مهب الريح، وتعدم أي أمل في بناء دولة فلسطينية مستقلة.
ما تقدم يفرض على قيادة السلطة الفلسطينية بحث خيارات جدية تستند لإعادة الاعتبار لمشروع المقاومة كاستراتيجية وطنية يمكن المراهنة عليها لاسترداد الحقوق.