تطلق المؤسسات الإعلامية في الأراضي الفلسطينية حملة إعلامية لمواجهة التطبيع العربي والإسلامي مع الكيان الصهيوني، هذه الحملة هي (الأهم والأكبر) في الوقت الذي بلغ مسار التطبيع مستويات غير مسبوقة وخطيرة للغاية تهدد القضية الوطنية وتمس بحقوق الفلسطينيين، وتؤثر مباشرة في الصراع القائم وتلقي بظلال كارثية في كل الاتجاهات، وفي المقدمة من ذلك السماح بتأبيد الاحتلال، وتمكينه من التغلغل في الساحات العربية والإسلامية، وإعطاؤه فرصة لتقديم نفسه للمنطقة من منطلق الجار والصديق والحليف وليس العدو للمنطقة، وهذا بدوره سيؤثر في حالة التضامن مع القضية، وينعكس سلبيًا على وعي الأجيال وثقافة الشعوب، وسيشكل أكبر تهديد للعالم العربي والإسلامي الذي وقع في شباك مؤامرات الصهاينة بعد أن فتحت له الأبواب.
وما ينذر بالخطورة في الوقت الراهن انضمام دول عربية وإسلامية مهمة في منطقة الشرق الأوسط لمسار التطبيع الحالي في المدة الأخيرة، هذه الدول هي من أبرز وأهم دول المنطقة ولديها قوة ونفوذ في مختلف المجالات؛ سياسيًا، واقتصاديًا، وأمنيًا، وإعلاميًا"، ويشكل انضمامها (طعنة مؤلمة) في ظهر الشعب الفلسطيني، ليس هذا فحسب، بل صفعة قاسية لكل شعوب المنطقة، واستفزازًا لمشاعر الملايين من المسلمين الذين يكيلون العداء للعدو الإسرائيلي ويسخطون على أي خطوة للتقارب معه، ويرون فيه العدو الأول للمنطقة، ولا يتسامحون مع عدوانه المتصاعد بحق القدس والأقصى.
إن الأنظمة المطبعة في المنطقة أو التي تسعى للتطبيع قريبا تحاول تسويق ذلك أنه مصلحة كبرى لبلدانهم في شتى المجالات، وضرورة سياسية واقتصادية وأمنية لتنمية البلاد وتحقيق الازدهار، لكن في الحقيقة فإن هؤلاء الزعماء يرتمون في أحضان هذا الكيان المسخ لاعتبارات مختلفة، وفي المقدمة منها:
اقرأ أيضًا: الرابحون من التطبيع
اقرأ أيضًا: الموجة الثالثة من التطبيع
1/ نيل الرضا الأمريكي، ومن خلفه الأوروبي.
2/ المحافظة على استقرار ممالكهم وعروشهم.
3/ الاستقواء على الخصوم بالاستعانة بالعدو الإسرائيلي.
فالخطر القادم من وراء التطبيع مع الصهاينة يمكن أن يفوق التوقعات؛ لأن العدو لا يحمل الخير لهذه الأمة، وستتلقى هذه الأمة انتكاسات غير مسبوقة من وراء هذا التقارب والتحالف مع العدو، إذ إن أبرز معالم وثمار هذا التقارب والتحالف ستكون متمثلة في: "الابتعاد عن دعم قضية فلسطين، والتخلص من أي مشاريع تسعى لنهضة ووحدة الأمة العربية والإسلامية، وظهور مزيد من التفكك والخلافات العربية العربية، واكتساب ثقافات جديدة تؤدي لانحرافات حادة وخطيرة في فهم ووعي وثقافة الجيل، فضلًا عن السعي لتبني مشاريع لا تناسب (ثقافة وهوية ودين) هذه الأمة، في محاولة للسير في مسارات يرسمها الصهاينة دعاة الخراب في المنطقة تحت عناوين الحداثة والثقافة والتحرر والتنمية والتخلص من ميراث الماضي، التي ستؤدي حتمًا لتشويه صورة هذه الأمة، وتأخذها في منزلقات مظلمة وخطيرة للغاية.
إن السبيل الوحيد لمواجهة (الخطر الصهيوني) الداهم الذي يجتاح العالم العربي والإسلامي يكون من خلال وضع برامج وطنية عربية وإسلامية تعد من خلال: الأحزاب السياسية، والصحفيين والإعلاميين، والكتاب والمحللين، والباحثين والمفكرين والخبراء، والمؤسسات الإعلامية وغيرهم من مكونات الأمة؛ لأن هؤلاء يملكون أدوات الفعل والتأثير، ويمكنهم الوقوف بقوة في وجه مشروع التطبيع التدميري، على أن يبقى هذا الفعل حاضرًا بقوة بصورة دائمة، ويكون في مقدمة أهدافه فضح جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، والتحذير من خطورة التقارب مع العدو، والتنبيه لتداعيات أي تطبيع معه، والتحشيد لمساندة الشعب الفلسطيني ودعم مقاومته الباسلة، وتشكيل رأي عام ضاغط على صناع القرار في بلدانهم للتراجع عن أي خطوة في هذا المسار المشبوه.