ينقسم الإسرائيليون في مواقفهم المتباينة من خطة الضم لأجزاء واسعة من الضفة الغربية بين كونها فرصة حقيقية، أم خطر داهم، لأن تحرك بنيامين نتنياهو باتجاه الضم سيثير أجزاء كبيرة من الجمهور الإسرائيلي، لكن هتاف الفرح سيُسكت عندما ترتفع الكلفة المتوقعة لهذه الخطة.
إعلان الضم المتوقع، والتشريع القانوني الذي سيتبعه، لن يغير الواقع على الأرض فقط، بل سيخلق واقعًا سياسيًا جديدًا، حيث سيتم بناء المزيد من المستوطنات والخرائط الجديدة، لكن قد تتعرض إسرائيل لبعض الرضوض والندم على هذه الخطوة.
التقدير الإسرائيلي السائد أنه حتى لو لم تندلع انتفاضة فلسطينية ثالثة، فسوف تطرأ زيادة قوية في عمليات المقاومة المسلحة، في الضفة الغربية بشكل خاص، وسيتم تعزيز الدعوات لدولة واحدة للشعبين، لكن ما قد يبدي الأمر لافتاً، أن الفلسطينيين ليسوا اللاعب الرئيسي في الوقت الراهن.
من المخاوف السائدة بين الإسرائيليين أن الفلسطينيين يسعون للضغط على عبد الله ملك الأردن لأن يفعل ما لا يريد فعله بتعليق معاهدة السلام مع إسرائيل، فيما سيتعين على القادة السعوديين والخليجيين، الذين يقاتلون علنا ضد الفيتو الفلسطيني لتطوير علاقتهم مع إسرائيل، إعادة النظر في خطواتهم المتقاربة هذه تجاهها.
أما دول أوروبا الغربية فسوف تحاول معاقبة إسرائيل بإلغاء وتقليص التعاون معها، وستنضم محكمة لاهاي الجنائية لهذه الجلبة، وحتى أصدقاء إسرائيل البعيدين من أستراليا إلى الهند سيردون على الضم.
المشكلة الرئيسية أمام إسرائيل في الموقف الدولية من خطة الضم تكمن في الولايات المتحدة، فإذا تمكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من إعادة انتخابه في نوفمبر، فستحصل إسرائيل على فرصة طويلة، لكنها ستفقد تعاطف الديمقراطيين ومعظم الجالية اليهودية، وتفقد أجزاء مهمة من دعمها الاستراتيجي.
نتنياهو يعتقد أن لديه فرصة تاريخية لا رجعة فيها، ولا يجب أن تفوّت الأشهر المتبقية لترامب في البيت الأبيض، ويعتقد أن عاصفة لمدة شهرين أو ثلاثة ستنكسر، ويحاول إقناع محاوريه أنه بمرور الوقت سيتصالح الجميع: الفلسطينيون والعرب والأمريكيون.
يتساءل الإسرائيليون: هل يمكن إيقاف خطة ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وغور الأردن، التي ستنتهي بحماقة لا داعي لها، ربما لا يزال هناك طريق، الأمر يحتاج أولاً لمعارضة بيني غانتس وفصيله، وثانيًا تكثيف الضغط العربي والأوروبي وبايدن على السلطة الفلسطينية للإعلان عن استعدادها للمفاوضات، شرط عدم الإعلان الإسرائيلي عن الضم، بجانب الكثير من الصيغ الدبلوماسية لتجاوز مناقشة صفقة ترامب، وإلا فسينزلق الإسرائيليون لمنحدر كيان ثنائي القومية، أو الدولة الواحدة، وهو كابوس يهربون منه أن يأتيهم في مناماتهم، فكيف لو بات طريقه معبدا على أرض الواقع؟!