تتزايد الأصوات الإسرائيلية الصادرة عن عدد من كبار الجنرالات السابقين، من كبار قادة المنظومتين العسكرية والأمنية، التي ترى أن أي قرار بضم الضفة الغربية يشكل خطرًا على مصير الإسرائيليين، وربما لا تقوى (إسرائيل) على مواجهة تبعات مثل هذه الخطوة، رغم أن مؤيدي الضم لا يلقون بالًا لما قد يحدث في اليوم التالي لتحقيق رغباتهم، مع أن أسئلة عديدة ما زالت مطروحة ليس لها جواب حتى الآن.
العديد من أوساط الجنرالات الإسرائيليين يعتقدون أن نتائج أي عملية ضم، سواء كانت كلية أو جزئية، سوف تستجلب ردود فعل لن تقوى (إسرائيل) على مواجهتها، أو التعاطي معها، لا سيما وأن أضرار الضم ستكون مثل أحجار الدومينو، التي ستشكل خطورة على أمن الدولة، واقتصادها، وعلاقتها مع جيرانها من الدول العربية.
كما أن عدم استماع صناع القرار في (إسرائيل) لتوصيات أصحاب الخبرة في توقع التبعات المتوقعة على خطوة الضم، يشكل فقدانًا للمسؤولية، لأن هؤلاء الخبراء يتحدثون أن إعادة السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين، سيكلف الموازنة الإسرائيلية قرابة 52 مليار شيكل، كل ذلك بسبب مغامرات الضم.
القناعات العسكرية الإسرائيلية تحذر من اندفاع الساسة الإسرائيليين لضم غور الأردن، فأي خطوة من هذا القبيل، سيكون لها تأثيرات بعيدة المدى، ومن شأنها أن تسمم الوضع القائم، بزعم أن إبقاء غور الأردن تحت السيطرة الإسرائيلية، يشكل جبهة استراتيجية لـ(إسرائيل)، رغم أنها خطوة ستكون خطيرة جدًّا على مستوى المنطقة.
إن ضم (إسرائيل) لـ20% من مساحة الضفة الغربية، وهي التجمعات الاستيطانية وغور الأردن، سيعمل على إيصال العلاقات مع السلطة الفلسطينية لمزيد من التطرف، وربما تصل الأمور إلى حد انهيارها، وقد تصل (إسرائيل) إلى مرحلة السيطرة العسكرية الكاملة على الضفة الغربية، ذات 2.6 مليون نسمة، بما يتعارض مع مصالح (إسرائيل)، في حين أن الملك عبد الله الثاني لن يستطيع الوقوف صامتًا إزاء أي خطوة أحادية الجانب.
مع أن هناك تقديرات تفيد بأن الإعلان الإسرائيلي عن ضم غور الأردن ليس سوى لعبة لاستعراض القوى الحزبية، وبمنزلة رسالة للداخل الإسرائيلي بأن موضوع الغور ما زال مدرجًا على الأجندة السياسية الحزبية، ولذلك فإن فكرة ضم ثلث الضفة الغربية تعود للظهور مجددًا عند بدء الحديث عن العملية الانتخابية، ثم ما تلبث أن تتراجع عقب الانتهاء من الانتخابات.
إن الدعوة الإسرائيلية لضم غور الأردن تشكل تعبيرًا عن عدم الرغبة بالتوصل لاتفاق سياسي مع الفلسطينيين، بل إدارة الصراع فقط، لأن الضم يعرض اتفاقات التسوية مع الأردن ومصر للخطر، فضلًا عن التحذير من وقف السلطة الفلسطينية للتنسيق الأمني، ما يعني أن نتنياهو يخوض لعبة محظورًا عليه دخولها.