إن إعلان التشكيلة الحكومية الإسرائيلية بصورتها الأخيرة يعني أن سلم الأولويات الإسرائيلية أصابه تشويش كبير، لأن زعماء هذا الائتلاف يسعون لاتخاذ قرارات مصيرية، ربما لا تقوى إسرائيل على مواجهة تبعاتها، ومنها ضم أجزاء من الضفة الغربية، ورغم أن ذلك سيشكل خطرا على الإسرائيليين، على الأقل وفق قناعات أوساط عسكرية عديدة لديهم، فإن مؤيدي الضم لا يلقون بالا لما قد يحدث في اليوم التالي لتحقيق رغباتهم، مع أن أسئلة عديدة ما زالت مطروحة ليس لها جواب حتى الآن.
من هذه التساؤلات: هل تهدد خطوات الضم اتفاقيات التسوية، وهل سيحصل تدهور أمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهل سيتوقف التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، وهل يضطر الجيش الإسرائيلي لتجنيد الاحتياط في صفوفه، وهل تعود الإدارة المدنية الإسرائيلية للتحكم بمصير ملايين الفلسطينيين، وما مصير الاتفاقات معهم؟
أكثر من ذلك: هل سيكون لخطوة الضم تأثير على قرارات قادمة لمحكمة الجنايات الدولية التي تبحث هذه الأيام شكاوى بانتهاك إسرائيل للقانون الدولي، وبشكل عام كيف ستكون ردود الفعل الدولية، وكم سيكلف ذلك دولة الاحتلال؟ كل هذه أسئلة مصيرية، لم تؤخذ بعين الاعتبار من ائتلاف نتنياهو-غانتس.
مع العلم أن العديد من الجنرالات الإسرائيليين يعتقدون أن نتائج أي عملية ضم، كلية أو جزئية، سوف تستجلب ردود فعل لن تقوى إسرائيل على مواجهتها، أو التعاطي معها، لأن أضرار الضم ستكون مثل أحجار الدومينو، التي ستشكل خطورة على أمن الدولة، واقتصادها، وعلاقتها مع جيرانها من الدول العربية.
على صعيد قطاع غزة، ليس سراً أن حماس تابعت عن كثب آخر التطورات السياسية الداخلية في إسرائيل، ويتلقى قادتها التقارير على مدار الساعة من أجل الحصول على صورة دقيقة عن طبيعة الائتلاف الإسرائيلي الجديد، نظرا للتبعات المتوقعة على مستقبل العلاقة بين الحركة والاحتلال في ملفات عديدة، رغم إعلان حماس بين حين وآخر أنها لا تكترث للتغيرات السياسية الإسرائيلية الداخلية، على اعتبار أنهم جميعا وجهان لعملة واحدة.
صحيح أنه قد يبدو مبكرا الحديث عن تبعات تشكيل الحكومة الإسرائيلية على غزة، بسبب الأجندة الداخلية لهذه الحكومة، لكن إعلانها قد يطرح تساؤلات حول مستقبل التفاهمات الإنسانية في غزة الموقعة مع حماس بوساطة مصرية قطرية أممية، وفي الوقت ذاته زيادة فرص إبرام صفقة تبادل مع حماس، لأن الحكومة لديها شبكة أمان برلمانية مريحة، وتضم جنرالات كثر، ورغم أن الفجوات بين حماس وإسرائيل كبيرة للغاية، لكن اتفاق حكومة الوحدة، ووجود غانتس، قد يسهل على نتنياهو الحصول على موافقة على صفقة تبادل أسرى قادمة مع حماس.