في يوم الأسير الفلسطيني لا حدود للكلمات التي نبرقها إليه وهو يعيش آلام الفرقة وعذابات الزنازين.. قضية الأسرى الفلسطينيين في التاريخ الحديث ليست قضية عابرة بل هي جرح غائر في الجسد الفلسطيني منذ عقود طويلة من الصراع وإلى يومنا، هذا فلا يمكن أن ننسى أبطال ثورة البراق الذين واجهوا الاستعمار البريطاني والعصابات الصهيونية عام ١٩٢٩م، وقصة عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي التي حفظها الشعب الفلسطيني لا تزال حاضرة بأسمائهم ويرددها عبر قصيدة الشاعر الفلسطيني نوح إبراهيم (من سجن عكا وطلعت جنازة) وهم الذين اعتقلهم الاحتلال البريطاني مع خمسة وعشرين من الثوار وحكم على ثلاثتهم بالإعدام الذى تم تنفيذه يوم ١٧/ يونيو/١٩٣٠م فيما حكم على الآخرين بالسجن المؤبد، الانتداب (الاحتلال) البريطاني الذى أورثنا الاحتلال الصهيوني الذى استخدم كل أدوات البطش والإجرام ضد أبناء شعبنا وورث القوانين البريطانية في اعتقال أبناء الشعب الفلسطيني وما سمي بالاعتقال الإداري إنما هو قانون بريطاني ضد من وقف إلى جانب الثوار لا يزال سيفًا مصلتًا على رقابنا.. ومنذ أولى لحظات اعتقال الفلسطيني حتى يخرج من السجن فإنه يعانى إما آلامًا جسدية تنغص عليه حياته أو آلامًا نفسية، وإما أن يسلمنا العدو إياه شهيدًا كما ٢٢٢ شهيدًا ودعناهم إلى مثواهم الأخير ولن يكون سامى أبو دياك رحمه الله آخرهم، لأن هناك مئات الأسرى منهم مرضى سرطانات أو أمراض مزمنة باطنة أو كلى ومسالك بولية أو جلدية أو قلب أو أمراض دم وهم يعيشون داخل السجون في حالة انتظار الشهادة في أي لحظة دون رعاية لحالتهم الصحية أو علاج يداويهم أو تخفيف معاناتهم، بل بالعكس تمعن إدارة مصلحة السجون في تعذيبهم عندما يتم نقلهم بما يسمى البوسطة إلى ما تسمى عيادات السجون، وقد لاحظ كثير من الأسرى الذين يعتادون زيارة تلك العيادات أن ما يقدمه الأطباء أو الممرضون لهم يزيد من أوجاعهم ويضاعف أمراضهم.. وفي هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها العالم كله وجائحة فيروس كورونا الذي لم ينجُ منه بلد في هذا العالم وينتقل بالعدوى بشكل مثير للجدل عن طريق اللمس والرذاذ والهواء والتجمعات وحوالي ستة آلاف أسير فلسطيني يقبعون داخل الزنازين والغرف الضيقة والمساحات الصغيرة، وما أسرع أن يفتك بالمرضى وضعاف المناعة، ومئات من الأسرى مرضى وحوالي مائتين منهم يعانون أمراضًا مزمنة وإهمالًا طبيًّا متعمدًا، وهناك النساء والأطفال وكبار السن وهذه الفئات العمرية تمتلئ بها السجون من أبناء شعبنا وكأني بالعدو الصهيوني يريد إعدامهم بإصابتهم بفيروس كورونا خصوصًا أن المرض انتشر في المجتمع الصهيوني وينتقل بسهولة عن طريق السجانين إلى الأسرى وبكل وقاحة تسحب إدارة مصلحة السجون المنظفات وأدوات التعقيم من الكانتينا والغرف ولا توفر إجراءات الوقاية للأسرى من فيروس كورونا سريع العدوى، ما يؤكد سادية يمارسها الاحتلال ضد أسرانا على مرأى ومشهد العالم كله. ويستغل العدو الصهيوني انشغال العالم بفيروس كورونا. وعلى الرغم من أن الإنسانية كلها اليوم تلملم جراحاتها فإن السادية الصهيونية تصر على أن تفجع الشعب الفلسطيني بأسراه كما هو الحصار المستمر على شعبنا في غزة دون مقومات العلاج والوقاية والعيش الكريم كما كل شعوب العالم.. في يوم الأسير الفلسطيني نبعث صرخة مدوية ورسالة لها ما بعدها، أن العدو الصهيوني يتحمل المسؤولية كاملة عن حياة أسرانا.. وأن الشعب الفلسطيني ومقاومته يتابعون بقلق كبير حالة الأسرى داخل السجون، ولن تبقى المقاومة صامتة أمام بلادة وصلافة العدو الصهيوني، وأن مصداقية المنظمات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان على المحك، وكذلك المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر ومنظمات حقوق الإنسان والجامعة العربية التي يجب عليها أن تجعل قضية الأسرى الفلسطينيين على رأس أولوياتها لأنها قضية العرب بامتياز. وأمام الوضع الصحي المأساوي الذى يعيشه شعبنا وأسراه داخل السجون في ظل انتشار فيروس كورونا فإن منظمة الصحة العالمية تتحمل مسؤولية إنقاذ شعبنا الذى يعيش حصارًا ظالمًا منذ أربعة عشر عامًا من فيروس كورونا وإنقاذ أسرانا أيضًا والضغط على العدو الصهيوني للإفراج على الأقل عن النساء والأطفال والمرضى وكبار السن، كما نطالب السلطة بأن تتحرك وبسرعة لفضح ممارسات الاحتلال الصهيوني ضد الأسرى أمام المحافل الدولية، وأن توقف العمل بكل الاتفاقيات مع العدو الصهيوني وعلى رأسها التنسيق الأمني وتعمل على تدويل قضية الأسرى وألا تتردد في التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لتقديم قادة الاحتلال.