فلسطين أون لاين

اقتصادات غزة والتطورات الراهنة

تعد غزة الحلقة الأضعف في الاقتصاد الفلسطيني مقارنة بالضفة الغربية في ظل حالة الوهن الاقتصادي الراهنة.

قطاع غزة في عام 2020 ما زال يعاني مشكلات مزمنة ومتلاحقة ناشئة عن ضعف النمو الاقتصادي عبر السنوات الماضية وتوقع استمرار ضعفه لهذا العام أيضًا وللسنوات القليلة القادمة.

ويتجسد ذلك في انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 1439 دولارًا عام 2019 في غزة مقابل 4812 دولارًا في الضفة الغربية مع توقع استمرار هذه الحالة خلال عام 2020 إن لم تكن أسوأ.

كما يتجسد هذا الضعف في استمرار معدلات البطالة عند مستويات مرتفعة بلغت 42.7%، 13.7% في غزة والضفة على التوالي مع ارتفاع عدد المتعطلين إلى 208 آلاف في غزة مقابل 121 ألفًا في الضفة حسب الربع الرابع 2019 لمسح القوى العاملة الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ووفقًا للتعريف المنقح للبطالة حسب المفهوم الجديد المعتمد من منظمة العمل الدولية، هذا بجانب تدني مستويات الأجور وارتفاع معدلات الفقر، إذ يقبل المتعطلون الحصول على 20 شيقلا أو أقل كأجر يومي وغالبًا لا يجدونه.

أما معدلات الفقر فهي لا تقتصر على المتعطلين وإنما تضم شريحة واسعة من الموظفين العموميين الذين يحصلون على نسبة محدودة من رواتبهم إضافة لغيرهم ممن يعملون في ظل ظروف قاسية وبأجور متدنية جعلت أولياء الأمور غير قادرين على سداد رسوم أبنائهم الجامعية، وقد انعكس ذلك على حالة الأسواق التي تتصف بالركود الشديد.

إضافة إلى الوضع الصحي الصعب في ظل الحصار القاسي الذي يعجز فيه المرضى عن الشفاء أو الحصول على تحويلات خارجية للعلاج.

إن المستجدات بشأن وباء "كورونا" الجديد الذي لا يخضع للحصار وضعت قطاع غزة في وضع صحي واقتصادي حرج للغاية وشديد الخطورة، فالإمكانات المتاحة للنشاط الصحي على المستوى الحكومي والخاص محدودة ولا تتوفر لهذا النشاط أدنى متطلبات الأمان الصحي في الأوضاع المعتادة التي تراكمت منذ الحصار في عام 2007 وما تلاها، فإذا أضفنا إلى ذلك الحاجة لمواجهة التطورات الجديدة التي يفرضها وباء "كورونا الجديد" ليتبين لنا أننا أمام وضع أكثر حرجًا وأشد خطورة وفوق طاقة موارد القطاع المتاحة والمحدودة.

لكن ذلك لا يعني التذرع بضيق الحال أو بضيق ذات اليد لأن هذه المقولة ليست من شيم أهل الرشد وأهل الاختصاص الذين يحملون الأمانة، إذ الحد الأدنى في هذه الظروف أن يبادر أولو الأمر نحو دق ناقوس الخطر وسرعة تقييم الأوضاع الراهنة جنبًا إلى جنب مع تقييم الأوضاع المستجدة بمنهج علمي وبدقة متناهية وتحديد ما يجب عمله لمواجهة هذه المستجدات ضمن "مقترح لخطة طوارئ" يصير عرضها على ذوي الاختصاص بحضور مندوبين عن مكونات المجتمع الأساس كالفصائل التنظيمية كل ممن نتفق معهم أو نختلف إضافة إلى مندوبين عن الجامعات والمراكز البحثية ثم مندوبين عن النقابات المهنية والعمالية وما أكثرها من أجل صياغة "خطة طوارئ معتمدة" يدافع عنها الجميع وتتضافر جهودهم لتنفيذها بكل حزم ومسئولية مع الاستفادة على سبيل المثال من تجربة حكومة الصين الشعبية التي نجحت في احتواء خطر هذا الوباء رغم شدة وطأته وعمق أثره بما يضمن أيضًا الخروج من أزمة الوباء الراهنة ومن حالة الركود التي يعيشها اقتصاد غزة.

هذا مع إمكانية الاستفادة من مؤازرة حكومات عربية وإسلامية وأجنبية أخرى لكي تحذو حذو حكومة قطر وغيرها من الدول، إذ تخصص حكومة قطر حاليًّا 25 مليون دولار شهريًّا منذ أكثر من عام كبلسم يضمد جراح المعوزين والفقراء، ولكي يأخذ هذا الدعم الخارجي وبالتوازي مسارًا نحو تخصيصه لوجهات أكثر مردودًا وأعلى إنتاجية.