صدمني المتحدث باسم الحكومة السيد إبراهيم ملحم عندما قال لزميليه على الهواء مباشرة: "تباعدوا، نحن على الهواء"، أي طلب منهم المحافظة على مسافة آمنة التزاما بالإجراءات الوقائية لمنع انتشار فيروس كورونا فقط لأنه على الهواء، وتصرف من هذا النوع من المتحدث الأول بخصوص وباء كورونا يعطي انطباعا للمشاهد الفلسطيني بأن ما يراه ليس على حقيقته، وأن الأمور أقل جدية وأهمية مما يتصور.
لقطة أخرى صادمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى لقاء مسئول في الشرطة الفلسطينية في بيت لحم مع مراسل تلفزيون فلسطين، حيث كانت المسافة بين المسئول والمراسل لا تزيد على 80 سم، وكلاهما يلبس كمامة ولكنهما أنزلاهما تسهيلا للحديث، والمعروف أن بيت لحم منطقة حساسة لانتشار الوباء فيها، وقدرا وقبل ان ينهي مراسل التلفزيون تقريره سعل أمام الكاميرا، وهذا الموقف يتناقض مع التوصيات المكثفة بضرورة اتخاذ إجراءات الوقاية منعا لانتشار الوباء، وعلى النقيض لاحظت أن مراسل تلفزيون فلسطين في مدينة سلفيت يلتزم لبس الكمامة بطريقة صحيحة ويمد يده على طولها محافظا على مسافة جيدة بينه وبين محدثه رغم عدم خطورة الوضع في سلفيت.
كلما حاولت متابعة أخبار الوباء على تلفزيون فلسطين تصدمني المسلسلات السورية السخيفة، وعندما أنظر إلى شريط الأخبار يصيبني الملل وهو يعرض أرقام حسابات التبرع للحكومة، وأحيانا أظفر بخبر هنا أو هناك عن فلسطين، وأحيانا عن دول أخرى لا علاقة لنا بها، ولكن أكثر ما يثير استغرابي محاولة تسييس كورونا، وكأن من يحارب كورونا في الضفة الغربية هو فصيل واحد رغم أنه جهد شعبي جماعي يحاول الجميع إنجاحه إما بالالتزام بالبيت أو القيام بالواجب في مجابهة كورونا كل حسب موقعه وتخصصه، سواء في ذلك الكوادر الطبية أو الأجهزة الأمنية المختلفة أو المؤسسات الإعلامية والإغاثية وغيرها.
في الختام لا بد أن نذكر الجميع أن قطاع غزة يعاني بشدة من نقص الأدوات والمعدات اللازمة لفحص ومتابعة مصابي كورونا، ومن غير المعقول أن يتجاهل الإعلام الفلسطيني مثل هذه الحاجة الملحة، ولذلك من الضروري أن نتخلى في مثل هذه الظروف عن الحسابات الفصائلية والفئوية انتصارا لشعبنا ومصالحه العليا.