أجاب الجزء الأول من المقال عن الأسئلة التالية: ما ملامح السياسية الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية؟، وما جوهر الخلاف بين القيادة الفلسطينية والإدارة الأمريكية الجديدة؟، وما الجديد الذي دفع ترامب إلى دعوة الرئيس محمود عباس للبيت الأبيض؟، ويجيب الجزء الثاني من المقال عن تساؤل: ما السيناريوهات المحتملة لنتائج اللقاء؟
السيناريوهات المحتملة للقاء ترامب عباس:
الأول: سيناريو المقايضة السياسية
جوهر هذا السيناريو يقوم على مرتكز إنجاز صفقة لإحياء المفاوضات دون شروط مسبقة، مقابل امتناع الإدارة الأمريكية عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واستئناف تحويل المساعدات إلى السلطة الفلسطينية.
ما يدعم هذا السيناريو:
* حالة الضعف التي يعاني منها عباس، وعلاقاته المتوترة مع الإقليم بعد رفضه خريطة الطريق التي قدمتها الرباعية العربية أخيرًا.
* أن المفاوضات على قاعدة حل الدولتين بديل عن حالة الانفجار وانهيار السلطة الفلسطينية التي هي حاجة غربية وإسرائيلية أيضًا، وتخدم توجهات الكيان العبري لكسب مزيد من الوقت، لتنفيذ مشروعه الاستيطاني وترميم علاقاته الإقليمية والدولية.
* ما نشره موقع (واللا) الصهيوني عن مبادرة أمريكية نقلها مبعوث ترامب إلى عباس أخيرًا، وتتكون من تسع نقاط، هي:
1. يجب أن يعود الفلسطينيون إلى المفاوضات مع الكيان العبري دون شروط مسبقة.
2. يجب على الفلسطينيين أن يوافقوا على إشراك الدول العربية أيضًا في المفاوضات مع الكيان، مثل: مصر والسعودية والإمارات العربية والأردن.
3. يجب على الفلسطينيين عدم الاعتراض على قرارات اتخذت في المراحل الأولى من المفاوضات، فلن يكون هناك تجميد كامل للبناء الاستيطاني، ولكن لن تقام مستوطنات جديدة.
4. الإدارة الأمريكية لن تكتفي ببيانات عامة تصدر عن السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بوقف أعمال المقاومة، فيجب على السلطة وقف المقاومة ضد الكيان.
5. تغيير أسلوب قوات الأمن الفلسطينية في محاربة المقاومة، فالإدارة الأمريكية لا تكتفي باعتقال فلسطينيين “مشبوهين” يريدون تنفيذ عمليات، وبعد ذلك تطلق السلطة الفلسطينية سراحهم.
6. على السلطة الفلسطينية وقف دفع رواتب لعائلات الشهداء والأسرى القابعين في السجون الإسرائيلية.
7. يجب على السلطة القيام بإصلاحات في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بهدف وقف جدول دوام عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية؛ فهم يقسمون وقتهم إلى فترتين ويحصلون على راتبين شهريًّا.
8. على السلطة الفلسطينية أن تتوقف عن تحويل أموال إلى قطاع غزة إذ يساهم ذلك بتمويل مصروفات حماس.
9. الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب ستواصل دعمها لفكرة "دولتان لشعبين".
ما يضعف هذا السيناريو:
* ضغوط اليمين المتطرف في الكيان العبري وجماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة على الإدارة الأمريكية، لأن تنفذ وعودها بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ودعم سيناريو ضم الضفة الغربية.
2. سيناريو الاحتواء والتدجين
يقوم هذا السيناريو على استغلال حالة الضعف التي يمر بها عباس، وبذلك يقدم ترامب رؤيته التي تقوم على استئناف المفاوضات على قاعدة حل الدولتين، مقابل اعتراف عباس بيهودية "الدولة".
ما يدعم هذا السيناريو أنه:
* منسجم مع توجهات ترامب المنحازة إلى الكيان العبري.
* يلقى قبولًا صهيونيًّا.
* ينهي الصراع ويفتح آفاق أمام الكيان لفتح علاقات مع الدول العربية تمهيدًا لتأسيس شرق أوسط جديد.
ما يضعف هذا السيناريو:
* عدم قدرة عباس على تمريره في الساحة الفلسطينية.
* رغبة عباس الشخصية في أن يبقى بالمساحة التي لا يسجل فيها أنه تنازل عن الحقوق الفلسطينية، وفي الوقت نفسه لا يلقى مصير الراحل ياسر عرفات.
وحينها ستكون نتائج اللقاء منسجمة مع سيناريو الافتراق والمقاطعة بين الطرفين، وهو ما يهدد مستقبل السلطة الفلسطينية، وينذر باشتعال انتفاضة القدس، ما يحاكي سيناريو انتفاضة الأقصى بعد فشل محادثات عرفات باراك في الولايات المتحدة عام 2000م.
الخلاصة: سيمارس الأميركيون ضغوطًا على عباس خلال القمة المرتقبة، وهذا يتطلب توحيد الموقف الفلسطيني لمواجهة تلك الضغوط التي تهدد المشروع الوطني كله، وعدم السماح لترامب وإدارته بالانفراد بعباس.