لا يمر علينا الثاني والعشرون من آذار (مارس) دون أن نتذكر رجالات التاريخ الفلسطيني، الذين سطروا جهادهم بأحرف من نور على صفحات تاريخ جهاد شعب فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني، هؤلاء الرجال هم علامة فارقة في تاريخ الطريق لتحرير فلسطين، هم النموذج الجهادي الفريد الذي يجب أن تتعلمه الأجيال الفلسطينية، هؤلاء الرجال هم الطراز الفريد في الدعوة والجهاد والفكر والسياسي، هؤلاء الرجال أكملوا مشوار تحرير أرضنا المباركة فلسطين على خطى الشهيد عز الدين القسام، هؤلاء الرجال ساروا على خطى الشهيد عبد القادر الحسيني؛ لقد أكمل شيخ المجاهدين الياسين المشوار في الجهاد بالسلاح والكلمة والفكرة.
إنه لشرف كبير أن نتحدث عن قامة جهادية كبيرة بمنزلة الشيخ الشهيد أحمد ياسين، الذي غرس في نفوس أبناء شعبه الجهاد بالسلاح والفكر والسياسة والعمل الاجتماعي.
وربما كلمات المقال لا تكفي للحديث عن الدور الاجتماعي والإصلاحي لشيخ الأمة، هذا الرجل القعيد صاحب الهمة العالية والعنيد في الحق، صاحب الفكر الجهادي التربوي، الذي يشهد له الجميع بالدور الاجتماعي والإصلاحي البارز.
لقد صدح الشيخ بصوته عاليًا في مساجد قطاع غزة بعد هزيمة العرب في حرب 1967م، وكان يدعو لتربية النشء التربية الإيمانية الإسلامية الجهادية ليتقوى على مواجهة الاحتلال الصهيوني لأرضنا المباركة.
ولقد شدد الشيخ ياسين خلال خطاباته وندواته على أهمية تربية الأبناء تربية إسلامية، ودعا الشباب إلى إعفاف النفس وغض البصر والتزود بالتقوى، مشددًا على أن صلاح الأسرة جزء من صلاح المجتمع بأسره.
وكان الشيخ يعقد ندوات إيمانية تربوية للنساء لإدراكه أهمية المرأة الفلسطينية المسلمة في التربية والجهاد، وأنها عماد الأسرة، وكانت ندواته تتحدث عن فقه المرأة المسلمة، وأهمية تربية الأبناء والحفاظ على تقوية أواصر الأسرة، ودورة المرأة في مساعدة زوجها على تحمل أعباء الحياة، وغيرها من الأمور والقضايا الشرعية الأسرية، وكان الشيخ الياسين يدعو المرأة إلى إبراز الشخصية الإسلامية لأنها اللبنة الأساسية للأسرة، لذلك كان يدعو الشباب للزواج من ذات الخلق والدين.
ولاهتمام الشيخ أحمد ياسين بالأسرة الفلسطينية رعى ودعم حفلات الزواج الجماعي، وساعد الآلاف من الشباب على الزواج وتحصين أنفسهم، وأولى رعاية أسر الشهداء والجرحى وكفالة الأيتام اهتمامًا كبيرًا، فقد أسس هو وعدد من أصحاب الخير المجمع الإسلامي في سبعينيات القرن الماضي، وكان للمجمع دور اجتماعي كبير في رعاية آلاف الأسر من الأيتام، وتقديم الكفالات المالية الشهرية لهم، وكان للمجمع أيضًا دور تربوي بتأسيس عدد من رياض الأطفال، وتأسيس مركز لتأهيل المرأة المسلمة وتربيتها.
واهتم الشيخ الياسين بالنشاطات الرياضية، مشددًا على دور الرياضة في تربية النفس وصقلها وتأثيرها على الفرد المسلم، فأسس ناديًا رياضيًّا للمجمع الإسلامي يرمي إلى جمع الشباب على الخير، وتربيتهم التربية الإسلامية الرياضية السليمة، وإشغال وقتهم بما ينفعهم في الدنيا والآخرة.
وقد كان لدعوات الشيخ الياسين للمرأة الفلسطينية إلى الالتزام وارتداء الحجاب والحفاظ على الصلوات أثر كبير في حياة المجتمع في سبعينيات القرن الماضي، وعملت هذه الدعوات على تأسيس جيل إسلامي ملتزم يحمل على عاتقه أعباء الدعوة والجهاد ومقاومة الاحتلال الصهيوني، متسلحًا بالتربية الإسلامية الإيمانية الراسخة في دفاعه عن أرضه المحتلة.
إن الحديث عن الدور الاجتماعي التربوي لشيخ المجاهدين أحمد ياسين يطول، فلا يقتصر دوره على تأسيس الجمعيات الخيرية في قطاع غزة مثل المجمع الإسلامي والجمعية الإسلامية وجمعية الصلاح وغيرها، بل كان للشيخ المجاهد دور اجتماعي بارز في إصلاح ذات البين، واستطاع بفكره الثاقب ورؤيته الحكيمة حل الكثير من المشاكل للحفاظ على نسيج المجتمع الفلسطيني.
هناك الكثير من الجوانب الاجتماعية في حياة شيخ المجاهدين أحمد ياسين لا يكفيها هذا المقال، بل حياته تحتاج إلى دراسة بحثية عن الدور الاجتماعي والتربوي له في المجتمع، فهذا الدور لم يقتصر على قطاع غزة، بل امتد إلى الضفة المحتلة والقدس والمحيط العربي والإسلامي.