اجتاح فيروس كورونا المستجد العالم وأحدث تغيرات كثيرة على مختلف الأصعدة، ومن ذلك عادات اجتماعية لما تتطلبه المرحلة الحالية من تجنب للتزاور لمنع انتشار الفيروس، وللحفاظ على السلامة العامة، ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه، هل التغير السريع سيستمر بعد انتهاء الأزمة؟ وما أثره عليهم؟
الشاب الغزي حمزة رضوان، الذي يعمل صحفيًّا، يقول: "مع انتشار جائحة فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم الجميع شاهد حجم التغير الذي شهده العالم، فقد شل حركة المؤسسات، وأصبحت الشوارع فارغة".
ومن وجهة نظره، كان الأمر في البداية صعبًا جدًّا على الناس، على صعيد قطاع غزة، "لأنه بطبعه مجتمع متواصل، فهذا الفيروس قلل الكثير من الأمور بالتحديد السلام والتجمعات وغيرها، ولكن ليس بشكل كامل لأنه أمر صعب على مجتمعنا، ولكن درهم وقاية خير من قنطار علاج"؛ وفق حديث مع صحيفة "فلسطين".
مع ظهور الفيروس والتزام الجميع في منازلهم، فقد أصبح رضوان يعمل عن بعد، وفي بعض الأوقات يضطر للعمل الميداني، ولكن بشكل عام فقد أثر عليه هذا التغيير، وقد اختلف جدوله اليومي، وأصبح الأمر مرهقًا، راجيًا أن تعود الحياة إلى مجاريها في أسرع وقت.
أما الشابة الغزية بدور شعشاعة فترى أن فيروس كورونا ليس مجرد جائحة تهدد العالم، بل أصبح أزمة يمر بها كل العالم، وقد نتج عنها الكثير من التداعيات وعلى كل الأصعدة، لكن على وجه الخصوص في مجتمعنا الفلسطيني، قائلة: "له تأثير خاصة على الوضع الاجتماعي، وذلك لطبيعة مجتمعنا وعلاقاته الاجتماعية المترابطة".
وتشير في حديثها مع صحيفة "فلسطين"، إلى أنه على الرغم من السلبيات الناتجة عن هذا الفيروس، فإن هناك جوانب إيجابية مميزة خاصة داخل الأسرة، فالحجر المنزلي وجلوس العائلة لعدة أيام داخل المنزل بعيدًا عن العمل والزيارات زاد من الترابط الأسري بين العائلة، وأعطى فرصة أكثر لتحدث الأفراد مع بعضهم بعضًا، وخاصة الأب الذي يقضي أغلب ساعات يومه في العمل، ومن ثم بعد انتهاء الأزمة قد يعمل على تخصيص وقت لعائلته.
ومن العادات التي ظهرت عند البعض، تقول شعشاعة: "الاهتمام بالنظافة الزائدة، هذا سيكون له تأثير على المدى البعيد، خصوصًا الأطفال، فهذا الوقت هو الأنسب لتعويد الطفل على النظافة سواء الشخصية أو النظافة العامة واتباع الأنماط الصحية".
وتبدي تفاؤلها بأن هذه الجائحة ستختفي في النهاية، وسيبقى الإنسان بعادات وتقاليده وعلاقاته الاجتماعية، وليكون هذا الفيروس سببًا في كسب بعض العادات الصحيحة كالاهتمام بالنظافة، ونترك السلبي الذي سببه في قطع الزيارات الاجتماعية واقتصار التواصل عبر الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي.
أما عهد سليمان (28 عامًا) فترى أن أجمل شيء فعله الفيروس هو التخلص من العادات والتقاليد المجتمعية التي تتعلق بعمل الأفراح وبيوت العزاء، حيث إنها خلصت البعض من المظاهر الخداعة والتحمل فوق الطاقة لإرضاء الناس.
تقول لصحيفة "فلسطين": "لماذا لا نستمر بعد انتهاء هذه الأزمة على هذا النهج بدلًا من استنزاف جيوب الشباب في حجز الصالات وغيرها من الأمور الذي ترهقه ماديًا، وقد تكون بوابة للمشكلات الأسرية، فلتعود الحياة لبساطتها ورونقها".
"الحل الأمثل"
في السياق تبين الاختصاصية الاجتماعية والنفسية تحرير أبو شرار أن العالم أصبح في حالة تخوف وتوتر شديد جراء انتشار فيروس كورونا، وأصبح التشديد على البقاء بالمنزل هو الحل الأمثل لحماية النفس وأهل البيت.
وترى أبو شرار، أن العلاقات الاجتماعية قد "تزعزعت" بين الجميع من عدم استقبال الزوار في المنزل وعدم السلام والاكتفاء بالابتسامة من بعيد.
وتضيف لصحيفة "فلسطين": المصلون الذين اعتادوا الذهاب للمسجد والصلاة فيه ورؤية أصدقائهم، وكانوا يشعرون بالراحة النفسية لاسيما كبار السن منهم، باتوا غير قادرين على ذلك مع إغلاق المساجد مؤقتًا للوقاية من فيروس كورونا المستجد.
وتنبه أبو شرار إلى أنه على الرغم من تلك السلبيات التي فرضها، فإن هناك إيجابيات على صعيد الأسرة داخل المنزل، فقد أصبح لديهم الوقت الكافي للاجتماع والحديث وممارسة الأنشطة المحببة لديهم، وكثير من الأزواج أصبح يشارك زوجته تفاصيل يومها ويشاركها في مهام المنزل.
ومن وجهة نظرها فإن أزمة كورونا سترسخ عند البعض عادات جديدة وسلوكيات كالتي تتعلق بالنظافة مثلًا، والبعض الآخر ينتظر أن تنتهي الأزمة ويعود لحياته الطبيعية لأنها تحتاج إلى وقت لتتطبع بالسلوكيات الجديدة.

