فلسطين أون لاين

الشعب الفلسطيني وجدارة الحياة

منذ إعلان وعد بلفور عام ١٩١٧ الذي أعطت بريطانيا الانتدابية فيه الحق لليهود بإقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين وإلى هذه اللحظة لم يبرح الفلسطينيون ميادين المواجهة والاشتباك بداية ضد الاحتلال البريطاني الذي حاصرهم وضيق عليهم حياتهم وواجه انتفاضاتهم المستمرة الرافضة للاحتلال البريطاني وسماحه  لليهود بالهجرة الجماعية إلى فلسطين واجهها بجرائم القتل والاعتقالات والإعدام والحرق والتهجير.. حتى بعد خروج بريطانيا التي مهدت الأرض للاحتلال الإسرائيلي وأمدته بكل أنواع الدعم المادي والعسكري وإضعاف الفلسطينيين والتضييق عليهم..

ولم تستطع كل الجرائم التي ارتكبتها بريطانيا و(إسرائيل) أن تثني عزيمة الفلسطينيين عن مواصلة النضال وبكافة اشكاله (الديبلوماسية والشعبية والعسكرية).. حتى الفلسطينيين الذين بقوا على أرضهم ولم يخرجوا منها عام ٤٨ خاضوا ولا يزالون يخوضون النضال في وجه الكيان الصهيوني ويثبتون أن دمهم الفلسطيني لم يتغير وقد ارتبط بدم الآباء والأجداد ودماء إخوانهم الفلسطينيين في كل أماكن وجودهم ويوم الأرض الذي نحيي ذكراه كل عام خير شاهد ودليل..

وأما عن فلسطينيي اللجوء ما زالت عيونهم ترنو وقلوبهم تهفو الى فلسطين رغم أنهم العنوان الاكثر وضوحا للنكبة الفلسطينية.. واليوم عدد الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها يزيد على عدد اليهود في كل العالم.. وتبقى الذاكرة الفلسطينية حية، والوعى الفلسطيني المتجدد في كل يوم يبهر العالم كله بأدوات نضاله، يموت الاباء والاجداد وتخرج الاجيال الفلسطينية من تحت الركام لتحمل القضية على اكتافها وتحميها بأرواحها ودمائها وعطائها ووعيها وأدائها، بالحجر والسكين والبندقية والمولوتوف والدهس والصواريخ والمسيرات ورفع الاعلام الفلسطينية في كل مكان وتربك حسابات الكيان الصهيوني المدجج بكل اسباب القوة والدعم من هذا العالم الظالم وزعيمته امريكا.. ولا تزال فلسطين حاضرة بقوة ولم تغب ولو ان البندقية بقيت العنوان الجامع للكل الفلسطيني لاستطعنا ان نخوض المستحيل ونحقق لشعبنا ما يريد..

وأنموذج غزة ما يزال حاضرا رغم الحصار والتجويع والعدوانات المستمرة على أهلها، فلم يستطع العدو الصهيوني أن يحقق أهدافه بإنهاء حالة المقاومة التي تتقدم بخبراتها وإمكاناتها وفعلها في ساحة الميدان في مواجهة الجيش الصهيوني المدجج بكل أنواع الأسلحة.

والضفة التي سطرت أروع ملاحم البطولة في مواجهة جيش الاحتلال تمتلك مخزونا نضاليا كبيرا لولا الاتفاقيات الامنية بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال والخاسر الاكبر من هذه الاتفاقيات هم الفلسطينيون..

نعم حاولنا كثيرا كفلسطينيين ان نوحد شملنا وفى محطات كثيرة فشلنا.. لكن اليوم لا مكان للتردد ان نمضى ثانية في مسار الوحدة والمصالحة بعدما انكشفت المؤامرات ضد قضيتنا ولم تُبقِ (بضم التاء) صفقة القرن لنا شيئا وشعبنا ينتظر الموت اما من الاحتلال والحصار او من فيروس كورونا ونحن لا نمتلك من مقومات مواجهة هذا الفيروس الفتاك شيئا، في حين دول كبيرة تضعف وتنهار بسبب فيروس كورونا وهي تمتلك كل مقومات وادوات مواجهته..

آن الاوان في ظل هذه المخاطر التي يعيشها العالم ونحن على وجه الخصوص ان نلتقي ولتكن البداية باللقاءات المحمية عبر الفيديو كونفرنس أو القدوم الى غزة (لتنسيق المواقف في مواجهة كورونا) بين أركان العمل الحكومي في غزة والضفة ولنضع البرامج والخطط والاستراتيجيات لحماية ابناء شعبنا في فلسطين وخارج فلسطين من فيروس كورونا بإمداد شعبنا في كل اماكن وجوده بما يحتاج إليه من ادوات ومستلزمات وفحوصات وطواقم طبية نوفيهم حقهم دون تمايز واستشارات وقائية وعلاجية.

العالم كله اليوم مشغول بنفسه لمواجهة فيروس كورونا. ونحن أحوج ما نحتاج اليه ان ننشغل من اجل حماية شعبنا من جرائم الاحتلال التي لم تتوقف ومن فيروس كورونا الذي ينتشر في هذا العالم انتشار النار في الهشيم.. بعيدا عن المناكفات والمزايدات والممارسات التي تزيد من فرقتنا  لماذا لا ننشغل نحن من اجل شعبنا الذي يعيش على رصيف الحياة تحت الاحتلال والحصار ومخيمات الفقر والضياع في الشتات.

ما الذي يمنعنا اليوم لصوغ مشروع وطني واحد بكل ابعاده ومحاوره الثقافية والسياسية والصحية والعسكرية والامنية.. لا تزال الفرصة مواتية.. ان نحول هذا التهديد العالمي الى فرصة تجمعنا لنصل الى وحدة سياسية وجغرافية نحقق من خلالها حلم شعبنا بالحرية والعودة.. شعبنا الذي لا يزال حيا وقويا ومعافى ومعية الله ترعاه "والله خير حافظا" صدق الله العظيم.