في الوقت الذي تواصل فيه الأوساط الصحية الفلسطينية كشف المزيد من حالات الإصابة بفيروس كورونا، فإن الوباء كشف عن دلالات سياسية لا تخطئها العين، ترتبط بصورة وثيقة بالتعامل الإسرائيلي معه، خاصة تجاه الفلسطينيين، سواء ما يتعلق بالإهمال الصحي تجاههم في الضفة الغربية، أو عدم تسهيل وصول المساعدات الطبية إليهم، خاصة في قطاع غزة، واستمرار الحصار المفروض عليه.
على الصعيد الصحي والطبي، تتحمل (إسرائيل) مسؤولية سياسية وأخلاقية وإنسانية واضحة في عدم توفر المعدات الطبية اللازمة لدى المنظومة الصحية الفلسطينية، فالمشكلة التي تواجه الفلسطينيين هي النقص في أجهزة الفحص.
ولا تخفي أوساط فلسطينية وجود مساعٍ إسرائيلية جدية لنقل وباء كورونا لمناطقهم، والعمل على زيادة انتشاره، خصوصا بالضفة الغربية، مع توفر وقائع على الأرض حدثت في الأيام الأخيرة تثبت صحة هذا الافتراض.
فقد فتحت (إسرائيل) بوابات مغلقة في جدار الفصل العنصري للسماح بدخول العمال الفلسطينيين للعمل بمستوطناتها بنظام التهريب غير القانوني، رغم الطلب الفلسطينية منهم عدم الذهاب لإسرائيل للعمل خشية تفشي الوباء.
مشهد آخر رصدته كاميرات المراقبة بشوارع الضفة الغربية، وثقت قيام جنود إسرائيليين بتعمد الاحتكاك، ولمس السيارات الفلسطينية، وأبواب المنازل، بطريقة توحي بوجود نية لنشر الفيروس، مع تأكيد الجيش إصابة العشرات من جنوده بالوباء، وحجر آلاف منهم في المراكز الصحية.
مؤشر ثالث يوحي بالنوايا الإسرائيلية، يتمثل بإفراجها عن المزيد من الأسرى الفلسطينيين من الضفة الغربية، ممن ثبت إصابتهم بالفيروس، ورغم النفي الإسرائيلي السابق لانتشار الفيروس بينهم، لكنها اعترفت بإصابة سجانين إسرائيليين به، مما يعني بالضرورة انتقال الوباء للأسرى، وكان بإمكان سلطات الاحتلال إيجاد مركز حجر صحي خاص بالمفرج عنهم، حتى تعافيهم من المرض خلال أيام معدودة.
وبينما يأخذ عدد الفلسطينيين المصابين بالوباء بالتزايد، يوما بعد يوم، لا سيما بالضفة الغربية، فإنهم يخشون فعليًّا من انتقال العدوى من المستوطنات الإسرائيلية لمناطقهم، ودعت المنظمات الحقوقية والإنسانية إسرائيل للاعتراف عن المسؤولية عن أوضاع الفلسطينيين من الناحيتين السياسية والأخلاقية، لأن الفيروس لا يتوقف أمام الحواجز العسكرية والحدود الجغرافية، وهنا تتعدى مخاطر المستوطنات من سلب الأرض ونهب الموارد الطبيعية الفلسطينية، إلى جلب الخطر للفلسطينيين، وتهديد حياتهم.
انتشر الوباء بمستوطنات الضفة بشكل كبير؛ وأصيب أكثر من مائتي مستوطن به، وآخرون رفضوا الرضوخ للحجر الصحي، والاستجابة للتعليمات الوقائية، ما أثار مخاوف الفلسطينيين أن يكونوا مصدرًا لمزيد من تفشي الفيروس، نظرًا لطبيعة ممارساتهم الاجتماعية والدينية، وتعمدهم الاحتكاك بالفلسطينيين واستفزازهم، بالاعتداء على ممتلكاتهم، ما يعني خطر انتشار الوباء، حيث يبلغ عدد المستوطنين بالضفة الغربية والقدس قرابة المليون؛ وعدد المواقع الاستيطانية والقواعد العسكرية 448.