فلسطين أون لاين

مع غياب إجراءات الحماية داخل السجون

تقرير عائلات الأسرى "المرضى" و"المعزولين" .. خوفٌ على مصيرٍ مجهول

...
والدة الشهيد الأسير المريض سامي أبو دياك (أرشيف)
غزة - يحيى اليعقوبي

كان موعد جلسة محاكمة الأسير أحمد نصار في محكمة سالم العسكرية الإسرائيلية في جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، فرصة أمام والده لإطفاء نيران قلقه خوفا على نجله بعدما تواردت أنباء أنه محجور خشية من إصابته بفيروس كورونا المستجد.

دخل الأب قاعة المحكمة الأربعاء الماضي، انتظر ساعة وساعتين ومرة عدة ساعات أخرى، لينفجر غاضبا داخل قاعة المحكمة بوجه القاضي الإسرائيلي بعدما دق الخوف في قلبه: "وين ابني؟"، ليرد القاضي: "ابنك في الحجر الصحي"، وزاد كذلك: "الجلسة الجاية ما تيجي احنا بنمدد توقيف ابنك للتحقيق".

"مش عارف الحقيقة، ومصير ابني".. كلمات بصوت مقهور قالها والد الأسير نصار، أحد الأسرى الأربعة المعزولين في الحجر الصحي، يخشى أن يكون نجله مصابًا بفيروس كورونا، في ظل تعتيم إعلامي يمارسه الاحتلال على وضع نجله.

عبر طرف سماعة الهاتف الأخرى، بنبرة صوت بدا عليها القلق، يقول: "قبل خمس دقائق كنت أتواصل مع مؤسسات الأسرى؛ لمعرفة مصير ابني لكني لم أعرف الحقيقة حتى اللحظة، وفي أي سجن هو الآن، احدى المؤسسات تقول في سجن مجدو والأخرى في سجن بتاح تكفا".

في الرابع من مارس/ أذار الجاري، داهمت قوات الاحتلال منزل نصار الواقع في قرية مهدمة بنابلس بحجة ممارسة الأنشطة الطلابية، يردف والده "كسروا  أبواب البيت بطريقة وحشية وهمجية واعتقلوا ابني".

"أحمد معتقل منذ ثلاثة أسابيع، نريد أن يزوره طبيب من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أو أتحدث هاتفيا معه كي أطمئن على أحواله"، كما طالب نصار.

تنهيدة القهر هنا تروي حكاية أب مشغول البال على مصير ابنه: "نحن تائهون في تفكيرنا، نعيش أرقا نفسيا شديدا، لا نعرف إن كان مصابا أم بالحجر الصحي أم بسجن مجدو".

وليس القلق وحده على واقع الأسرى الأربعة المعزولين هو السائد، فعائلات الأسرى المرضى تخشى على مصير أبنائهم، إذا ما انتشر فيروس كورونا ووصل إلى داخل السجون.

منذ شهر انقطعت الحاجة أم رمزي أبراش عن زيارة ابنيها الأسيرين محمد ورمزي، مع كثرة الأنباء المتواترة حول الأوضاع داخل السجون يزداد قلقها على ابنيها الأسيرين، تحرر كلماتها القلقة في حديثها لصحيفة "فلسطين":" نعيش خوفا شديدا، بعد أن زرت أبنائي الأسيرين قبل شهر، ومنعني الاحتلال من الزيارة والحديث معهم هاتفيا".

يعاني رمزي المحكوم بالمؤبد، وأمضى منها 17 عاما في الأسر، أوضاعا صحية صعبة من سرعة دقات القلب، وضعف في السمع، والتهاب صدري، أما شقيقه محمد والمحكوم بثلاثة مؤبدات أمضى منها 18 عاما، والمتواجد معه في سجن عسقلان فيعاني من بتر في القدم، وضعف السمع، ووجود شظايا في كل أنحاء جسده، وهذا ما يجعل والدتهم تشعر بالخوف على مصيرهم.

إهمال طبي

من جانبه، طالب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قدري أبو بكر، إدارة سجون الاحتلال بتزويد الأسرى بأدوات التعقيم، واتباع إجراءات الوقاية من المرض، وإطلاق سراح الأسرى المرضى.

وأوضح أبو بكر لصحيفة "فلسطين"، أن هناك 700 أسير مريض، منهم 18 أسيرا بعيادة سجن الرملة، يعانون من أمراض مزمنة ومرض السرطان، و42 أسيرة منهن 17 أمًا لأطفال، وقرابة 200 طفل يعتقلهم الاحتلال.

وأضاف: "نحاول من خلال اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومؤسسات حقوق الإنسان الضغط على الاحتلال للإفراج عن الأسرى المرضى، لكن نحن أمام محتل لا يرحم"، مشيرًا إلى أن إصابة الأسرى واردة خاصة مع احتمالية دخوله للسجون عبر المحققين والسجانين.

وحول مصير الأسرى المعزولين الأربعة، أوضح أبو بكر أنهم ليسوا مصابين بالفيروس، ويعزلهم الاحتلال خشية تعرضهم للإصابة نتيجة اختلاطهم بمحقق ثبت إصابته بالفيروس.

ولفت إلى أن الخطر على حياة الأسرى يتعلق باكتظاظ السجون، وسرعة انتشار الفيروس بينهم ستكون كبيرة، كون إدارة سجون الاحتلال لا تتبع الشروط الصحية المطلوبة.

إجراءات جديدة

من جانبها، قالت مديرة مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، سحر فرنسيس، إن الاحتلال لم يسمح لهم بالتواصل المباشر مع الأسرى المعزولين ولم تحصل المؤسسة على معلومات كافية عن وضعهم الصحي.

وأوضحت فرنسيس لصحيفة "فلسطين" أن إدارة سجون الاحتلال ألغت جميع زيارات الأهل والمحامين للأسرى، مؤكدة أن المؤسسة تضغط على الصليب الأحمر والجهات الدولية للتدخل ومعرفة أوضاعهم والتباحث مع القضاء الإسرائيلي لإلغاء الإجراءات الأخيرة التي تتنافى مع حقوق الأسرى.

وأضافت: "لم يسمح الاحتلال لنا لا بزيارة المعتقلين ولا بالحديث معهم عبر الهاتف، كما أن الزيارات ممنوعة بشكل كامل لكافة المرافق، فلم نحصل على جواب لظروف احتجاز الأسرى الأربعة ونفكر بالتوجه  للمحكمة الإسرائيلية العليا"، مشيرةً إلى أن الرسالة الأولى التي تلقتها المؤسسة من الاحتلال تتحدث عن حجر صحي 14 يوما، وليست إصابة.

وبينت فرنسيس أن هناك خطورة على حياة الأسرى نتيجة عدم توفير الاحتياجات الضرورية وتعقيم المرافق، والإهمال الطبي، وغياب المعلومات الدقيقة عن كافة السجون، خاصة أن من بين الأسرى أصحاب أمراض مزمنة، مشددة على توجههم لإدارة السجون بطلب مباشر لاتخاذ إجراءات حماية للأسرى.