فلسطين أون لاين

لا تشاؤم ولا عَدوى

التشاؤم هو نوع من أنواع التفكير السلبي، وهو حالة نفسية تقوم على اليأس والنظر إلى الأمور من الوجهة السيئة، والاعتقاد أنَّ كل شيء يسير على غير ما يرام، وسُمِّيَ التشاؤم تطيرًا؛ لأنَّ العرب كانُوا في الجاهلية إذا خرج أحدُهم لأمرٍ قصد عش طائر فيهيجه، فإذا طار الطيرُ من جهة اليمين تيمن به ومضى في الأمر، أما إذا طار جهة اليسار تشاءم به، ورجع عما عزم عليه.

ورغم أنَّ هذا كان في الجاهليَّة إلا أنَّ بعض المسلمين ما زالوا يتشاءمون، فبعضهم يتشاءم من صوت طائر أو شكله، وبعضهم يتشاءم من رقم ثلاثة عشر، وبعضهم يتشاءم من أزمنة معينه، وبعضهم يتشاءم إذا حدث له ما يكرهه، وتسمعه يقول: "في وجه من تصبحت هذا اليوم؟!"

أما العدوى فأغلب الناس يخافون من العدوى إذا رأوا مريضًا ولو بالزكام، وإذا ما أصيب أحدهم به قال: "لقد عداني فُلان".

والحقيقة بأنَّ الإسلام أبطل هذه الاعتقادات فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): "لا عدوى، ولا طيَّرة، ولا هامة، ولا صفر"، و"العدوى": انتقال المرض من المريض إلى الصحيح، و"الطيرة": هي التشاؤم بمرئي، أو مسموع ، أو معلوم، و"الهامة": طير يشبه البومة تزعم العرب أنه إذا قُتل القتيل، فإنها تأتي إلى أهله وتنعق على رؤوسهم حتى يأخذوا بثأره، و"صفر": هو شهر صفر. فهذه الأربعة التي نفاها الرسول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تدل على وجوب التوكل على الله (تعالى)، وصدق العزيمة، وألا يضعف المسلم أمام هذه الأمور.

وقد يقول البعض: كيف نوفّق بين ذلك وبين أحاديث أخرى لرسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) حيث قال: "فرّ من المجذوم فرارك من الأسد"، وقال: "لا يورد ممرض على مصح" أي لا يورد صاحب الإبل المريضة على صاحب الإبل الصحيحة لئلا تنتقل العدوى إليها.

ولتوضيح الأمر نقول: بأنَّ نفي النبيّ عليه الصلاة والسلام لهذه الأمور ليس نفيًا للوجود، ولكنه نفي للتأثير، فالمؤثر هو الله (تعالى) وأكدَّ ذلك، لما قال: "لا عدوى" قال رجل: يا رسول الله أرأيت الإبل تكون في الرمال مثل الظباء فيدخلها الجمل الأجرب فتجرب؟! فقال (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " فمن أعدي الأول؟!" أي إذا كانت الإبل مرضت بانتقال العدوى إليها فهذا بتقدير الله (تعالى) كما كان تقديره أن يصاب الأول بدون عدوى.

ختامًا نقول: التشاؤم مرفوض جملةً وتفصيلًا وعلينا أن نبتعد عن المرضى أخذًا بالأسباب فقط ولا يقع في قلوبنا إذا مرضنا أن ذلك كان بسبب فلان بل أنَّ الله (تعالى) أراد ذلك، وتذكرّوا قول الله (تعالى): {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.