عائلة منذر الجيوسي في حي جبل الطويل بمدينة البيرة بالضفة الغربية المحتلة، تعيش معاناة متجددة لقربها من مستوطنة "بسجوت" وبواباتها العنصريّة.
عادت العائلة من المهجر وشيدت منزلًا بالقرب من بوابة مستوطنة "بسجوت" التي شكلت لها كابوسا لا يطاق، عدا عن اقتحامات قوات الاحتلال الإسرائيلي الليليّة التي زلزلت مشاعرها، وجعلت من غرف نوم أبنائها بنك أهداف لجنودها.
ربة البيت المواطنة رندة سعد الله، تتحدث لصحيفة "فلسطين" عن وضعهم الصعب داخل المنزل البعيد عن بوابة مستوطنة "بسجوت" عشرات الأمتار فقط، وجنود الاحتلال الذين لا يفارقون المكان ورصاصهم يخترق زجاج نوافذهم.
تقول رندة: "عشت أنا وزوجي في أمريكا وقررنا العودة مع ابني وبناتي لوطننا المحتل، كي نعيش على ترابه، ونتخلص من الغربة، وعند عودتنا شيدنا منزل العائلة وبدأت بعد ذلك مسلسلات الرعب والتخويف من قبل جنود الاحتلال ومستوطنيه، فمعظم الليالي نتعرض إلى اقتحامات".
وأضافت "في إحدى الليالي نمت متأخرة ولم أستيقظ إلا على اقتحام الجنود الذين اقتحموا غرفة بناتي وغرفتي، وكان في كل غرفة أكثر من 12 جنديا مدججين بالسلاح، ذهبت مسرعة لغرفتهن فإذ بالبنادق مصوبة على رؤوسهن في منظر لن أنساه طيلة حياتي، فيما نوافذ منزلنا كأنه زلزال أصابها من كثرة الرصاص والقنابل التي تصيبها".
وتابعت أنّ حي جبل الطويل رهينة بوابة مستوطنة "بسجوت"، مستكملة حديثها: "جنود الاحتلال الذين يقتحمون بيتنا يتعمدون إشاعة الخوف والإرهاب، ومن أسئلتهم المحيرة والعجيبة أنهم طلبوا مني تحديد نوع الرصاص الذي أطلق على المستوطنة، فهذه الأسئلة التعجيزية لها مدلول نفسي حيث يريدون من خلالها زيادة الضغط النفسي على كل أهالي المنزل وإجبارهم على ترك المنزل والهجرة عنه".
جريمة حرب صامتة
وأكدت رندة أنها وجيرانها لن يرفعوا "الراية البيضاء" للاحتلال، مردفة: "هذا بيتنا جئنا إليه من بلاد المهجر كي نبقى فيه، فقد شبعنا غربة وبعدا عن الوطن، ومهما كانت الضغوط والممارسات ضدنا وضد حي جبل الطويل، فالقرار هو البقاء رغم قسوة العيش بفعل انتهاكات الاحتلال وجرائمه، وممارسته ضدنا جريمة حرب صامتة".
وعلى جذع نخلة في باحة المنزل، علّق زوجها منذر الجيوسي القنابل التي يطلقها جنود الاحتلال، إلا أنهم حين اقتحموا المنزل صادروها كونها تكشف جرائمهم بحق أهالي "جبل الطويل".
ويقول الجيوسي عن معاناة عائلته وتاريخ منزلهم في حي "جبل الطويل": "نحن في الأصل من بلدة جيوس قضاء قلقيلية، فوالدي سكن هناك عام 1959 بسبب عمله بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وعند النكسة عام 1967 كان الطابق الثاني قيد الإنشاء وبعد سفري على أمريكا عدت، وأكملت تشييد المنزل حتى عام 1996، حينها بدأت المعاناة مع قمع الاحتلال انتفاضة الأقصى".
ولفت إلى أنه في كل ليلة اقتحام كانت مدفعية الاحتلال تطلق قنابلها من المستوطنة القريبة، وها نحن من يومها نعيش حياة مليئة بالرصاص والقنابل والاقتحامات "حتى أنني صنعت ديكورا من بقايا القنابل وصممتها على جذع النخلة فأغاظ ذلك جيش الاحتلال الذي صادره، لكنني أعدت صناعة الديكور بزرع القنابل في حوض النخلة وتثبيتها بالإسمنت كي لا يستطيع مصادرتها ونزعها".
وأضاف "هذه حياتنا، نزرع القنابل في حدائقنا المنزلية عوضا عن الورود، فالاحتلال قلب حياتنا رأسا على عقب، صرنا لا ننام خوفًا من الاقتحامات المفاجئة لنكون على استعداد لها".
وذكر الجيوسي أنه قام بعدة احتياطات داخل منزله بوضع خلف كل باب حماية ليصعب على جنود الاحتلال فتحه بسهولة، وليستيقظ قبل اقتحامهم المنزل، موضحا "نحن ننام وقلوبنا يقظة من أي اقتحام قادم، ونوافذنا محصنة كأنها نوافذ سجون، وسطح منزلنا مسرح لهم يمكثون عليه فترات طويلة، فكل حياتنا اقتحامات وقنابل وأصوات رصاص".
وأكد "نحن بحاجة لحماية دولية، فكل أصوات الرصاص نسمعها، والاقتحامات تهز أبداننا وتخلع قلوبنا من صدورنا، نريد أن نعيش حياة آمنة كريمة".

