انتشار فيروس كورونا أربك دولا عظمى، وهدد اقتصاد كثير من الدول رغم ما لديها من قدرات طبية ومالية لمواجهة الكوارث والأوبئة، ولكننا في فلسطين لا نملك إمكانات التعامل مع الأمراض العادية فنستعين بدول خارجية لعلاج مرضانا، وليس كل مريض يحظى بمثل هذه الفرصة، وكثيرون لا يحالفهم الحظ، كما أننا نطالب ليل نهار بتوفير أدوية للأمراض المزمنة وغير المزمنة، وهذا يعني أننا لسنا مستعدين لمواجهة وباء يتسبب به فيروس كورونا، وبالتالي فإن فرصتنا الأفضل تتمثل في الوقاية لمنع انتشار هذا الفيروس اللعين الذي فرض الحصار الذاتي على مئات الملايين من البشر.
خطر الفيروس على الدول واقتصادها أكبر من خطره على الأفراد، ورغم أن نسبة الوفيات متدنية فإن أعداد الضحايا تزيد مع استفحال المرض وانتشاره، ولذلك علينا ألا نصاب بالهلع والهوس المعطل للحياة، وكذلك ألا نصاب باللامبالاة فندفع أثمانا باهظة من الأرواح ومن مقدرات شعبنا المتواضعة.
قد تكون غزة مختلفة عن الضفة الغربية، فغزة مغلقة ومحاصرة ولم تسجل فيها حالات إصابة بفيروس كورونا، ولكن الضفة مفتوحة نوعا ما، وقد تم تسجيل حالات كثيرة تأكد منها 16 حالة، وهناك خطر من تزايد عدد الحالات بسبب كثرة الزائرين للضفة الغربية وكثرة العاملين في دولة الاحتلال "إسرائيل" التي تكاد تفقد السيطرة على انتشار الوباء حسب تصريحات صادرة من جانبهم، ومع ذلك ننصح المسؤولين في قطاع غزة باتخاذ إجراءات وقائية أكبر مما هو عليه الآن حتى لا يقع المحظور.
على المواطنين أخذ تعليمات الوقاية من مصادر رسمية وموثوقة حتى لا يقع التضليل ويكون المجتمع ضحية الجهل، فقبل أيام _على سبيل المثال _ انتشرت فيديوهات تؤكد أنه لا داعي لاستخدام الكمامات حتى في المناطق الموبوءة بحجة أن الفيروس لا ينتقل في الهواء، وهذه أكاذيب واجتهادات أشخاص لا يفقهون شيئا في الطب ولا الصحة ولا أي شيء في الحياة، فالكمامات تمنع الرذاذ الناتج عن العطس أو الكحة للوصول إلى الأشخاص المجاورين، فانتقال الفيروس يكون بوصول الرذاذ الملوث إلى فم أو أنف أو عين الإنسان، سواء بشكل مباشر "من فم المريض إلى وجه الشخص السليم" أو بشكل غير مباشر بأن يكون الرذاذ على يد المريض فينتقل بالملامسة أو السلام، أو يكون الرذاذ قد تناثر على الجدران وأسطح المكاتب والأثاث وغيرها، فيأتي من يلمسها فتنتقل إلى يده ومن ثم إلى فمه أو عينه إن لامسها دون أن يغسل يديه، وهذه أمثلة بسيطة لا تغني عن الاطلاع على طرق الوقاية الفردية بشكل موسع. ونسأل الله السلامة للجميع.