انتهت الانتخابات الإسرائيلية الثالثة، لكن يبدو أنها زادت من وتيرة الفوضى السياسية في اسرائيل، لأن حقيقة فشل بنيامين نتنياهو وبيني غانتس في تشكيل حكومتهما القادمة تدفع الطرفين، الليكود وأزرق أبيض لزاوية ضيقة، وتظهر الحلبة السياسية في إسرائيل وكأن الانتخابات لم تنتهِ بعد، وعليه فإن هذه الوضعية تعني أن من الواضح أن أحدًا لم يستطِع تحقيق اختراق، والتوتر آخذ بالازدياد.
ليس من المتوقع أن ينجح حزب ما في تشكيل حكومة مستقرة، مع أن نتنياهو لم يحظَ بأقل من يوم واحد على شعوره بالنصر، وتحقيق إنجاز شخصي كبير، من خلال زيادة حصة الليكود ومعسكر اليمين والمتدينين في الكنيست بثلاثة مقاعد جديدة، لكنه سرعان ما استفاق على واقع صعب.
يواجه نتنياهو اليوم من جديد بعد إعلان نتائج الانتخابات الثالثة ذات الشخص الذي يبذل كل جهد مستطاع لمنعه من تشكيل حكومته الخامسة برئاسته، وهو أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب يسرائيل بيتنا، الذي سيواصل جهوده لتحقيق ذات الهدف "السامي" الذي يسعى إليه، بإخراج نتنياهو من مكتب رئاسة الحكومة.
ليبرمان الذي حافظ على صمته في أول يومين بعد انتهاء الانتخابات، أعلن لاحقا أنه سيعود بكامل قوته لإرسال أخبار سيئة لنتنياهو، وقرر في أعقاب جلسة حزبية لأعضائه أنه سيعمل على سن قانون يمنع عضو كنيست قدمت ضده لوائح اتهام ليكون مرشحا لرئاسة الحكومة.
نتنياهو لديه 58 مقعدا في الكنيست من معسكر اليمين والحريديم، في حين معارضوه يبلغ عددهم 62 نائبًا، من أحزاب أزرق أبيض-يسرائيل بيتنا، وقوائم اليسار من العمل-غيشر-ميرتس، بجانب القائمة المشتركة، وهذا ائتلاف شعاره الأساسي "إلا بيبي"، وليس لديه قواسم مشتركة باستثناء إقصاء نتنياهو.
وفقا لمخطط ليبرمان، فإن غانتس سيقوم بتشكيل الحكومة القادمة بدعم القائمة المشتركة من جهة، ويسرائيل بيتنا من الخارج، مما يعني أننا أمام خطة لاغتيال سياسي لنتنياهو، صحيح أنها مضمونة على الورق، لكنها على أرض الواقع تبدو فرص تحقيقها شبه مستحيلة، لأن مشروع سن القانون الذي يسعى إليه ليبرمان في الكنيست يبدو إشكاليًّا، لأنه يجري بغرض إقصاء سياسي بعينه، مع أنه ليس بالضرورة أن كل أعضاء القائمة المشتركة سيدعمونه.
وهكذا بدا مؤتمر النصر الذي عقده نتنياهو بعد ساعات من إعلان النتائج الأولية كأنه منفصل عن الواقع، صحيح أنه فاز في الانتخابات، لكنه لم يستطع بعد تشكيل الحكومة، وكذاك الحال لأزرق أبيض، حيث لم ينجح زعيمه غانتس في تشكيل الحكومة أيضا، وقد أعلن الحزب أنه بالتعاون مع القائمة المشتركة سيبذلان جهودهما الحثيثة لطرد نتنياهو من الحلبة السياسية الحزبية، كل ذلك يجعلنا أمام لعبة خطرة!