فلسطين أون لاين

تسرب التلاميذ ذوي الإعاقة.. واقع وأسباب متعددة وكثيرة (2- 2)

من الدوافع التي ساعدت على عملية التسرب المدرسي للطلبة ذوي الإعاقة وضع الأسرة الثقافي المتدني، وعدم القدرة على التعامل مع ابنهم ذي الإعاقة، وعدم وجود الوعي الكافي عند الأبوين، وصعوبة تأقلمه مع العائلة، بل كانت تلك أسباب رئيسة لانقطاع الطلبة ذوي الإعاقة عن المدرسة.

أيضًا المشاكل المجتمعية العائلية كالخلافات بين الأبوين، أو الرعاية الزائدة للطفل ذي الإعاقة سبب في عملية إهمال هؤلاء الأطفال ذوي الإعاقة، ما حدا بأولياء الأمور إلى عدم استكمال عملية التعليم للأطفال ذوي الإعاقة، وأصبحوا جزءًا وسيطًا في الخلاف بين الوالدين، وعبئًا على كاهل الأسرة.

وهناك دوافع أساسية وتصرفات معينة تدل على أن الأطفال ذوي الإعاقة معرضون لعملية التسرب من المدرسة؛ فمستوى التحصيل الدراسي المتدني للطالب بسبب الإعاقة يؤثر عليه سلبًا، ما ينجم عنه انعدام الشعور بالاكتفاء من وجوده داخل الإطار التعليمي، ما ينتج عنه التقصير في أداء الواجبات التي تطلب منه، وانعدام شعور الانتماء والراحة داخل الإطار التعليمي، وذلك عامل مهم جدًّا في تحديد مدى الاستمرارية داخل المدرسة، مع غياب للعلاقة الجيدة بين الطالب ومعلمه.

عوامل أخرى

إن العلاقة ضعيفة أو شبه معدومة بين الأهل والمجتمع والمدرسة، لحكمهم المسبق أن ابنهم يعاني إعاقة ولديه خلل، وأن وجوده داخل المدرسة مجرد قضاء وقت، وأن قدراته محدودة، ما يؤدي إلى عدم التعاون بين المدرسة والأهل عمومًا، وفي حل مشكلات غيابه المتكرر.

والتغيير المستمر لمكان السكن يؤثر بصورة مباشرة وسلبية على الطلبة ذوي الإعاقة عمومًا، ويؤدي إلى عدم الاستقرار، فينعكس على تعلمه وتحصيله، خاصة أن الطلبة ذوي الإعاقة بحاجة إلى مساندة من زملائه ومعلميه.

ومن ضمن العوامل عدم وجود تشريعات قضائية صارمة تعاقب أولياء الأمور الذين يخرجون أبناءهم ذوي الإعاقة من المدارس، أو يهملونهم. هناك غياب واضح للخدمات التي تقدم للطلبة ذوي الإعاقة في المدارس العادية؛ فعملية الدمج بحاجة إلى العديد من الوسائل.

ومن خبرتي هذه العناصر أساس قوي في نجاح استمرار الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس العادية وعدم التسرب منها، ما يمكن الطلبة من الوصول إلى الحق في التعليم الذي كفلته الاتفاقيات الدولية لهم، وقانون حقوق المعوقين رقم 4 لعام 1999م، إذ تعمل على منع التسرب من المدرسة بل تساعد على استمرارية العملية التعليمية للطلبة ذوي الإعاقة، وهي التخطيط الواعي الذي يهيئ الفرص المناسبة للتفاعل بين جميع الأطراف.

فوجود الطلبة ذوي الإعاقة مع الطلبة الذين لا يعانون إعاقات ومشاكل صحية في المدرسة يتطلب الحفاظ على الحق في التعليم، ولكن هذا الحق يحتاج إلى عوامل وركائز تجعله مستمرًّا في العملية التعليمية، كتهيئة المعلمين والطلبة في المدارس لاستقبال وقبول الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس العادية مع الطلبة الذين لا يعانون مشاكل صحية، مع وضع خطة منظمة لتهيئة الطلبة ذوي الإعاقة وأقرانهم من الجانبين الاجتماعي والنفسي للاستمرار في العملية التعليمية، وإعادة النظر في المناهج التعليمية لتناسب احتياجات الطلبة ذوي الإعاقة في الصفوف العادية، وإعادة بناء المباني المدرسية لتناسب احتياجات أبنائنا الطلبة ذوي الإعاقة الحركية، إذ إنهم بحاجة ماسة إلى مواءمة البنية التحتية لهم، من أجل عدم تسربهم من العملية التعليمية، وإعداد معلم التربية الخاصة ومعلم الفصل والتعاون بينهما لمصلحة الطلبة ذوي الإعاقة، وتوفير الخدمات المناسبة، مثل: خدمات النقل والمواصلات والعلاج الطبيعي والتغذية والخدمات الخاصة بكل فئة من فئات الإعاقة المختلفة، وإشراك أولياء أمور الطلبة ذوي الإعاقة في الخطة التعليمية الفردية للطالب ذي الإعاقة للاستفادة من خبراتهم، وزيادة التعاون بينهم وبين مؤسسات التعليم العام، وتفعيل القرارات اللازمة لاستمرار وجودهم في المدارس العادية، وتدريب المعلمين للعمل من طريق هذه البرامج، أو تهيئة بيئة المدرسة، وتوعية أولياء الأمور، وإعداد المناهج الدراسية المناسبة، تحقيقًا لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية، ودعوة أجهزة الإعلام للقيام بمسئولياتها في توعية المجتمع بمختلف فئاته قضايا الطلاب ذوي الإعاقة ورعايتهم وتأهيلهم، وتشجيع مشاركة المجتمع في هذا المجال، وإنشاء قاعدة بيانات خاصة بهم، حتى يمكن اتخاذ القرارات المناسبة، ووضع الخطط الإستراتيجية في هذا المجال على أساس علمي ودقيق، وتوفير البيئة الأسرية المهيأة لنمو الطلبة ذوي الإعاقة، وتوجيه مزيد من الاهتمام نحو إعداد معلمي الطلبة ذوي الإعاقة.

ومن هنا أحمل الحكومة، والمؤسسات الأهلية التي تعنى بالأطفال، ومؤسسات التأهيل، والمؤسسات الدولية، وأولياء الأمور، والهيئات التدريسية، المسؤولية عن تسرب هؤلاء الطلبة من المدارس، لعدم وضعهم حلولًا عملية للتسرب ومكافحة الدوافع والأسباب، وإيجاد البدائل لحماية الطلبة ذوي الإعاقة، وتنفيذ مشاريع تعمل على سهولة وصول الطلبة ذوي العاقة إلى المدارس العادية، والعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية لأسر الطلبة ذوي الإعاقة، وتنفيذ حملات للتوعية بالحق في التعليم، وتفعيل القوانين التي تلزم الأسرة بالاستمرار في العملية التعليمية.

وهذا يتطلب منا معرفة أعداد الطلبة ذوي الإعاقة إذ بلغ عدد الطلبة ذوي الإعاقة المدمجين في المدارس الحكومية النظامية ومدارس أونروا ما يزيد على ثمانية آلاف طالب وطالبة.