في الوقت الذي ذهب فيه قرابة ستة ملايين إسرائيلي لصناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخاباتهم الثالثة خلال عام واحد، يظهر الفلسطينيون العرب داخل (إسرائيل) مستحوذين على حيز لا بأس به من المشهد الانتخابي الإسرائيلي، لا سيما في ظل التعبئة اليمينية العنصرية ضدهم، ويقودها نتنياهو شخصياً.
في الوقت ذاته، فإن فلسطينيي48، الذين يشكلون قوة سياسية لها حساب واعتبار في التشكيلة البرلمانية الإسرائيلية، يأملون باستغلال موجة جديدة من الغضب ضد نتنياهو وحلفائه الأمريكيين، لتحويل دفة الانتخابات في الوجهة الأخرى.
ولذلك استمرت الدعوات العربية الفلسطينية حتى اللحظات الأخيرة لما قبل الذهاب لصناديق الاقتراع في حث مناصريهم على الإقبال على التصويت بأعداد غير مسبوقة، لإظهار اعتراضهم على صفقة القرن، التي شكلت أحد أعمدة البرنامج الانتخابي لليمين الإسرائيلي، في ظل ما قدمته من امتيازات كبيرة، تقف على يمين البرنامج السياسي لحزب الليكود.
يبدي الفلسطينيون العرب داخل إسرائيل قناعة كاملة بضرورة الإطاحة بنتنياهو، باعتباره أكبر محرض عليهم، ولأنه يقف خلف تصميم صفقة القرن، حيث يشغل النواب العرب حاليا 13 مقعدا في الكنيست المكون من 120 عضوا، وإذا احتفظت الكتلة العربية وكتلة أحزاب الوسط بالمقاعد التي تشغلها حاليا، فضلا عن فرضية زيادة نصيبها من المقاعد البرلمانية، فإن ذلك سيجعل من الصعب على نتنياهو الحصول على المقاعد الإضافية التي يحتاج إليها لتشكيل الحكومة الجديدة.
وفيما تشير استطلاعات الرأي الإسرائيلية حتى لحظاتها الأخيرة إلى تساوي كتلة الليكود التي يتزعمها نتنياهو، مع حزب أزرق- أبيض بزعامة بيني غانتس، المصنف على يمين الوسط، فإن هناك توقعات بزيادة طفيفة في إقبال الناخبين العرب مقارنة بانتخابات جولة سبتمبر 2019 التي شهدت مشاركة قرابة 60% من أصحاب حق الاقتراع.
ظاهرة لافتة تخللتها الحملة الانتخابية لحزب الليكود مؤخرا تمثلت بإطلاق شعار "بيبي أم الطيبي"، مستهدفا عضو الكنيست العربي أحمد الطيبي، وهو تكتيك انتخابي يهدف من خلاله نتنياهو لتحريض الإسرائيليين على فلسطينيي48، خشية أن يحصل منافسه غانتس على دعم الطيبي خلال محادثات تشكيل الائتلاف المقبلة.
كما يسعى نتنياهو إلى تحفيز قاعدته اليمينية التي يشعر الكثير من أفرادها بالارتياب تجاه عرب48، الذين يمثلون نسبة 21% من سكان إسرائيل، وقد أجبر هذا التكتيك غانتس على إعلان أنه لا يعول في أي حكومة سيشكلها على "القائمة المشتركة"، وهي تحالف عربي يحظى بدعم نسبة كبيرة من الفلسطينيين.
أكدت الحملة الانتخابية الإسرائيلية الثالثة على مصداقية اتهام العرب في إسرائيل للأحزاب السياسية الصهيونية بتأجيج الخوف ضدهم، وسلوك الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالتمييز ضدهم، بدليل أن بلداتهم وقراهم تعاني من الإهمال في مجالات الصحة والتعليم والإسكان، مما قد نجد ترجمته فيما يمكن تسميته التصويت الاحتجاجي في الساعات الأخيرة، ونرى نتائجه في الساعات المقبلة.