" أجا يكحلها عماها " مثلٌ شعبيٌ أرفعُ له القبعة احتراماً وتقديراً لأنه يعبرُ عن أحداثٍ خاطئةٍ صنعها من ظنوا أنهم يُحسنون صُنعا، ولا ينتبهون لسوء صنيعهم إلا بعد خراب مالطا.
- ينطبق على كثيرين، منهم الأهل الذين يندفعون باتجاه تطليق بناتهم من أزواجهن، أو تطليق أبنائهم لزوجاتهم، رغم أننا لو سألنا الوالدين ما هي أسعد لحظات حياتكما ؟ الإجابة "نفسي أشوف ابني عريس وبنتي عروسة "،وعلى رأي اخوتنا المصريين "في الكوشة"، وهذه امنية رائعة، لأن فرح الولد هو المعادل الموضوعي لفرح الوالدين، ولسان حالهما جملة "سعادتي من سعادتك وراحتي هي راحتك " التي تعلق في ذهني منذ الصغر، ولأنه حسبما يُروى "أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض"، ووفق المنطق الصحي، فالمحافظة على الكبد أمر ضروري جداً.
فما أن يكبر الطفل ويصبح شاباً ب "شوارب" حتى تبدأ "ست الحبايب" بالبحث له عن " أمورة زي الغزال " تليق به، إما وفق مزاجها وهذا في أغلب الأحيان لتُباهي بها " العُزال"، وإما وفق مزاجه وهذا نادر.
وما أن تجد الأم المحروسة عروسة وتبدأ العائلتان بطقوس الزواج، نفاجئ بالطلاق في حالات، نسأل لماذا؟ وهل للأهل دور في الطلاق؟
المنطق يقول " لا يجب"، لكن يا سادة ليست السيادة دوما للمنطق، فالوقائع القادمة من الواقع تقول" نعم لهم دور"، فلو دققنا في بعض أسباب الطلاق سنجد أن لتشنج الأهل تجاه قضية معينة أنتجها الطرف الآخر سواء فترة الخطوبة أو بعد الزواج، دور كبير، حيث تتحول حياة الزوجين لساحة مواجهة بين حاكمتين "ام العريس وام العروس"، والرجال في بعض الأحيان "خارج التغطية"(مع الاحترام).
ومن الخطأ الذي يقع فيه الكثير من الأهالي تصديقهم السريع لما تحدثهم به ابنتهم العائدة من بيت زوجها غضبانة، إما كاذبة أو مضخمة، وقليلات من غير الصنفين، فيبدأ أهلها بالوعد والوعيد، سنفعل ونفعل ونرفع قضايا ضده في المحاكم مستعينين بالشيطان وبمحامٍ قليل الإحسان، وما أن تدخل هذه الإجراءات حيز التنفيذ حتى تبدأ العلاقة بينهما بالتصعيد، وما أن تتطلق الزوجة حتى تهدأ ثورة أهلها ويخفت بريق استعدادهم لإعالتها، بعد عودتهم لانشغالاتهم بأولادهم وزوجاتهم، هنا يأخذ المحامي أتعابه، والشيطان جائزة كبرى، وتدخل هي في دوامة الندم وينتابها شعور بأنها أصبحت عالة على أهلها، تم تبدأ رحلة البحث عمن يعينها للعودة لطليقها، وهذا واقع لمسناه في فريق مبادرة "مودة ورحمة" التي أطلقها "تجمع مبادري رفح" حيث أغلب الحالات الراغبات بالعودة هن من النساء ، وهذا لا يعني منح صك براءة للرجال من التسبب بالطلاق، فاعتبروا يا أولى الألباب.
الحكمة تقتضي ألا نتهم الأهل وفقط في الطلاق، فثمة أسباب:
ضعف الوازع الديني وعدم التفقه في أمور الزواج قبل الزواج.
راتب الزوجة الموظفة، مربط الفرس.
مواقع التواصل الاجتماعي وما خلقته من خيانات زوجية.
سوء الحال الاقتصادي (ليس دوماً).
اعلام هابط ومسلسلات تدفع الانسان للمقارنة بين زوجته/زوجها وبين ما هو موجود في التلفاز.
أختم: صحيح أن بعض حالات ألم الأسنان يتطلب علاجها خلع السن من مكانه، وتحمل غيابه مع الوقت، لأن وجوده قد يزيد الألم، لكن الطبيب الحكيم لا ينصح بذلك من أول مرة في غالب الأحيان، بل يصرف مسكنات، وإن لم تُجدِ نفعاً، فآخر العلاج الكي، ويبقى الطلاق الخيار الأخير والحلال المر.