فلسطين أون لاين

هل أصبح التطبيع وجهة نظر؟

عندما يطلب منك أن تقاطع المستوطنات الإسرائيلية، فلا تعمل فيها ولا تأكل من محاصيلها ولا تنتفع من منتجاتها باعتبار ذلك يتعارض مع الوطنية بل هو خيانة كبرى، وفي الوقت نفسه يسمحون لك بالعمل والتعامل اقتصاديا مع المحتلين سكان تل أبيب والمناطق المحتلة عام 48، تصيبك الحيرة، فكيف تكون المستوطنات داخل الخط الأخضر شرعية ومستوطنات الضفة غير شرعية؟

لا بد أن تكون هناك معايير ثابتة ليعرف الناس الصواب من الخطأ، فلا يمكن مثلًا لقيادي في منظمة التحرير أن يفتي بحرمة اللقاء مع الإسرائيليين ويجرم كل عربي يلتقي بهم ثم بعد أيام نجده يأكل الحمص والمدمس مع صحفيين إسرائيليين، ولا أدري إن كان اللقاء في بار يقدم الطعام أم في مطعم يقدم الخمور حسب ما ظهر في الصور المنتشرة، وهذه ليست مشكلة ولكن المشكلة كيف سنقنع المطبع السوداني أو الإماراتي أو حتى عامة الناس بأن الذي أفتى بخيانة المطبعين أهل للإفتاء واعتلاء منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كارثة ثانية هي لقاء عدد من وزراء السلطة السابقين ورؤساء بلديات مع اليسار الإسرائيلي بذريعة محاولة اختراق صفوف المحتل الإسرائيلي، في السابق قالوا إن ما تسمى بلجنة التواصل هدفها التواصل مع المجتمع الإسرائيلي وليس مع القيادات، ولكنهم يلتقون بأعضاء كنيست وربما بغيرهم، ومن وجهة نظري هذا فعل يتناقض مع الوطنية كما يتناقض مع الشرع، ثم كيف سيتم اختراق الصف الإسرائيلي بأشخاص أكثر تشددًا من الإسرائيليين مع الأسرى مثل أشرف العجرمي الذي قال يومًا وأمام ضباط إسرائيليين إن دعم الأسرى يشجع على العنف؟ كيف لهذا أن يخترق الصفوف الإسرائيلية؟

والسؤال الأهم، لماذا هذه الهرولة الفلسطينية تجاه المحتلين في هذا التوقيت بالذات؟ الأصل أن منظمة التحرير في اشتباك سياسي عنيف مع الاحتلال الإسرائيلي، وهل الاشتباك يكون باللقاء معهم في الفنادق والمطاعم وفي الخارج؟ لا بد لمنظمة التحرير أن تتوقف فورًا عن اللقاءات التطبيعية مع العدو الإسرائيلي وعدم اللجوء إلى ذرائع واهية للتغطية على هذا العار. على المنظمة أن تتوجه إلى قطاع غزة فورًا وأن تلتقي بجميع الفصائل دون استثناء، فلا يعقل أن نلتقي بمن هب ودب من الإسرائيليين ثم نتشدد في لقاء بعض الفصائل الفلسطينية، مع تأكيدي التام على عدم وجود أي وجه للشبه بين الفلسطيني والعدو المحتل.