يتداول الإسرائيليون ما يمكن اعتبارها مسلمة بديهية مفادها أن المصير السياسي والشخصي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بات معلقا في بالون حارق ينطلق من قطاع غزة، وفي حين تدرك حماس جيدا قواعد اللعبة السياسية في إسرائيل، فإنها تعرف اليوم أن كل بالون ينطلق باتجاه إسرائيل عشية الانتخابات يزيد من مصلحة نتنياهو بضرورة التوصل معها إلى اتفاق وقف إطلاق النار يمكن تسميته تسوية.
أكثر من ذلك، فإن سقوط صاروخ أو بالون حارق في مستوطنات غلاف غزة، ويسفر عن سقوط خسائر بشرية إسرائيلية عشية ذهاب الإسرائيليين لصناديق الاقتراع خلال أسبوعين من اليوم كفيل بتحديد هوية الحكومة الإسرائيلية القادمة، كما أن نشر صورة لقتيل إسرائيلي واحد في غلاف غزة يساوي آلاف الكلمات التي ألقاها نتنياهو عقب إعلان صفقة القرن، كما أن إطلاق صفارات الإنذار في المدن الجنوبية يتوقع لها أن تحبس آلاف الإسرائيليين.
كل ذلك يؤكد أن حماس بات لها التأثير الحاسم على تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، لأن الحركة أدركت في سنوات سابقة تأثير الهجمات المسلحة على مستقبل الانتخابات الإسرائيلية، فشمعون بيريس جعل حزب العمل يخسر انتخابات الكنيست الـ12، حين وقعت عملية مسلحة بمدينة أريحا في الضفة الغربية قبل يومين فقط من انتخابات 1988.
وفي مايو 1992 أدرك حزب الليكود أن المسلح الفلسطيني الذي نفذ عملية طعن قبل شهر واحد من الانتخابات أعاد حزب العمل إلى السلطة، كما ساهمت حماس بعملياتها الاستشهادية في هزيمة حزب العمل، وفوز نتنياهو في انتخابات 1996، أكثر من كل سبب آخر.
هذا يعني أن حماس بات لها الدور المركزي في نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وأي مقعد هنا أو هناك في الكنيست كفيل بتغيير وجهة تشكيل الحكومة القادمة، واليوم يبدو الليكود بحاجة ماسة لرحمة حماس في غزة، ويتطلب من رئيس الحكومة أن يلجأ لضبط النفس فيها، لأن مصيره السياسي بات معلقا ببالون حارق، وهنا يمكن الإشارة إلى أن الزيارة المفاجئة للوفد الأمني المصري لغزة بعد غياب دام أكثر من خمسة أشهر ليست عفوية.
وفي الوقت الذي تطلب فيه إسرائيل أن يبقى الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية وضعا استراتيجيا دائما، فإن استراتيجية حماس الخاصة بتحقيق تسوية في غزة، لا تشمل وقف عملياتها وهجماتها المسلحة في الضفة الغربية.
وبغض النظر عما سيحصل عقب الثاني من آذار/مارس، وهو يوم التصويت في الانتخابات الإسرائيلية، فإن جبهة غزة في اليوم التالي لها قد تكون كما كانت عليه خلال السنوات العشر الماضية، وربما أسوأ من ذلك، وفق التقييم الإسرائيلي.