فلسطين أون لاين

السلام والمصالحة

عندما استمعت لخطاب الرئيس محمود عباس في مجلس الأمن استغربت لمَ تأخرت المصالحة كل هذه المدة، فالدبلوماسية الفلسطينية لا تحمل أي كراهية لليهود وإنما فقط للمحتل الإسرائيلي، والسلام هو الإستراتيجية والتكتيك، والخيار الأول والأخير مع عدو لم يُبقِ للفلسطينيين خيارًا ولا أرضًا ولا متنفسًا فضلًا عن جرائمه على مدار سنوات الاحتلال، فلماذا تتأخر المصالحة كل هذا الوقت؟ ولماذا يرجع وفد حركة فتح إلى الضفة الغربية دون لقاء مع حركة حماس؟

في خطاب الرئيس ظهر جليًّا مدى حرصه على تمثيل كل الفلسطينيين في الضفة وغزة أمام المجتمع الدولي، وقد ذكر أكثر من مرة أنه يتحدث باسم الشعب الفلسطيني كله واستدل بالجماهير التي خرجت في الضفة الغربية وقطاع غزة تنديدًا بصفقة القرن ودعمًا لموقفه في مجلس الأمن، وإن كانت الجماهير تأمل أن يكون الخطاب أقوى مما حصل، وإلا يكون أي لقاء مع أولمرت السجين السابق والملطخة يداه بدماء آلاف الفلسطينيين من شعبنا.

تمثيل الرئيس للكل الفلسطيني لن يكون متاحًا دون مصالحة، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان وليس بحاجة إلى إثبات، وطالما لم يتحقق للرئيس التمثيل الكامل فلن تكون لديه القدرة لتحقيق إنجازات أو توقيع اتفاقات معترف بها دوليًّا، ولكن يبدو أن الطرف الإسرائيلي يريد عزل الرئيس محمود عباس والإبقاء على الانقسام الداخلي، ولكن أطرافًا دولية أخرى والتي ما زالت تؤمن بإمكانية حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حسب اتفاقية أوسلو مثل روسيا وبعض الدول الأوروبية يعنيها كثيرًا أن تتم المصالحة وأن يتوافق الشعب الفلسطيني على ممثلين شرعيين له، سواء للرئاسة أو في المجلس التشريعي، ولكن هذه الأطراف ضعيفة لم يُبقِ لها ترامب مكانًا للمناورة أو التدخل في الصراع السياسي القائم بين منظمة التحرير الفلسطينية والعدو الإسرائيلي.

نحن نريد المصالحة ولكن ليس من أجل تطبيق حل الدولتين حسب أوسلو، وليس من أجل انتخاب رئيس يؤكد الموافقة على اتفاقية أوسلو أو أي اتفاقية مشابهة، بل نريد رئيسًا يصحح البوصلة ولا يعترف بشرعية الاحتلال ولا يخشى غضب المحتل الإسرائيلي ولا البيت الأبيض.