لم يعد خافيًا أن وتيرة التصعيد الميدانية آخذة في التزايد على حدود قطاع غزة، حيث إنّ التقديرات السائدة في المنظومة الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أن الفصائل الفلسطينية بصدد العودة لأيام المظاهرات الجماهيرية على حدود قطاع غزة.
وفي ظل التوتر السائد عقب إعلان صفقة القرن، والإعاقات الإسرائيلية المتعمدة في تنفيذ التفاهمات الإنسانية، فمن الواضح أن الحدود الشرقية للقطاع على موعد مع توتر جديد، من خلال احتمالية العودة المظاهرات الشعبية الجماهيرية التي شهدها العامان الماضيان بمشاركة عشرات الآلاف من فلسطينيي القطاع في عدة مواقع مختلفة.
يعتقد الفلسطينيون، وفق التقدير الإسرائيلي، أن هذه المسيرات تشكل لهم نقطة مهمة من أجل لفت أنظار العالم، وإبقاء موضوع غزة على الأجندة الدولية، لاسيما وأن هذه المسيرات فرضت على إسرائيل الدخول بحوار مع الفصائل الفلسطينية بوساطة مصرية لتحسين الواقع المعيشي في غزة، الذي بلغ مستويات غير مسبوقة من الضغط.
من الواضح أن الفصائل الفلسطينية أوقفت هذه المسيرات عقب وعود تلقتها من مصر بأن إسرائيل بصدد تنفيذ التفاهمات الإنسانية الموقعة معها في أكتوبر 2018، لكن الفصائل باتت تدرك أنه كلما مرّ الوقت أكثر، تزايد إحباطها، وخابت آمالها من الوعود المصرية والإسرائيلية.
ولذلك تعتقد الفصائل الفلسطينية، مرة أخرى وفق وجهة النظر الإسرائيلية، أن عودة المسيرات قد تجبر مصر على العودة مجددًا للتوسط، رغم أنّ الرسائل الواصلة من تل أبيب إلى غزة تتراوح بين الطمأنة والتهديد، لكن المشكلة التي تواجه الفصائل أن توقيت غزة يختلف عن توقيت إسرائيل، التي تعيش موسمًا انتخابيًا حامي الوطيس، وربما تعلم الفصائل أنها في حال قررت العودة للمظاهرات الشعبية على طول الحدود، فإننا قد ندخل في جولة جديدة من التوتر.
الجانبان، المقاومة والاحتلال، ليسا معنيين بأي تدهور أمني واسع النطاق على حدود غزة، قد يؤدي في النهاية إلى أيام قتال دامية، وهي فرضية لم يتم حذفها نهائيا من جدول الأعمال الغزاوي، لكن اليوم تسعى المقاومة، كما يبدو، لممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل، من خلال البالونات الحارقة على مستوطنات غلاف غزة؛ لتعكير صفو حياة المستوطنين.
هذه التطورات المتلاحقة تدفع قيادة الجيش الإسرائيلي، لاسيما في المنطقة الجنوبية، إلى إجراء نقاشات يومية لتقدير الموقف، وجولات تشاورية مع الضباط الميدانيين؛ لمتابعة عمل الوحدات المختلفة على طول الحدود مع غزة، وفق أقصى درجات الجاهزية، من خلال تنظيم عمليات منسقة؛ لمواجهة الحساسية الغزية المتصاعدة في هذه المرحلة.
كل ما تقدم يؤكد أن هذا التوتر على حدود غزة سيرافق الفلسطينيين والإسرائيليين في الفترة القادمة، وصولًا إلى الثاني من مارس يوم الانتخابات الإسرائيلية، بعدها سيكون لكل حادث حديث.