طغت سخونة الحراك السياسي على برودة الطقس في فلسطين بعدما سرب الإعلام الإسرائيلي ملامح ما يسمى "صفقة القرن" والتي سيعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم أو في أي وقت قد يختاره، فموعد الإعلان شابه الكثير من التردد والتخبط مما يعكس الحالة الهستيرية التي يعيشها الرئيس الأمريكي المضطرب.
التسريبات حول الصفقة تضمنت "الوعد" بقيام دولة فلسطينية على 70% من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، الى جانب دولة الاحتلال وعاصمتها القدس الموحدة _حسب زعمهم_، مع بقاء المستوطنات في الضفة والقدس تحت السيادة الاسرائيلية، أما دولة فلسطين فستكون منزوعة السلاح والسيادة والكرامة ولا سلطة فلسطينية على الأجواء أو الحدود، وتتضمن الصفقة نزع سلاح المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
غزة من قبل أن يتم احتلالها هي كابوس كل طامع في فلسطين، رابين كان يتمنّى أن يبتلعها البحر ولم يكن فيها مقاومة كما هي عليه اليوم، لأن غزة عزيزة وقوية بأهلها وهم قادرون على مواجهة الغزاة والمحتلين بما تيسر من مقدرات، وقد ثبت أن لديهم القدرة على تطوير إمكانياتهم إلى حد لا يمكن تصوره، ومن يستخدم البالون في بث الرعب في دولة بحجم "إسرائيل" لا يعجزه دحرها وتحرير فلسطين.
فكرة نزع سلاح غزة مطروحة وبقوة وهي حلم يراود المحتل الإسرائيلي ويراود ترامب وبعض الأنظمة العربية، ولكن لم نسمع عن الكيفية التي سيتم تنفيذها على ارض الواقع، حاولت دولة الاحتلال ان تكسر المقاومة أو تخفف من قدراتها ولكنها فشلت فشلا ذريعا رغم استخدامها كل انواع الاسلحة التي تمتلكها ولم يبق الا ضرب غزة بالنووي.
ليس هناك أي طرف فلسطيني او عربي مستعد للمشاركة في مثل هذه المؤامرة لأسباب كثيرة، أهمها عدم امتلاك الامكانيات العسكرية لتنفيذ هذه المهمة القذرة، ومنها ان أي نظام عربي يفكر في المشاركة بغزو غزة سيضع نهاية لحكمه، لأن غالبية الانظمة العربية تتأرجح ولا ينقصها ما يسرع في انهيارها.
دولة الاحتلال غير قادرة على نزع سلاح المقاومة بالقوة، أما نزعه بالتراضي والتوافق مع فصائل المقاومة في قطاع غزة مقابل تحويل غزة إلى جنة عدن فذلك أمر مثير للسخرية وما ذكرته إلا لكونه احد الاحتمالات التي قد يفكر فيها العدو .
مختصر الحديث أقول: إن نزع سلاح المقاومة الفلسطينية حلم لن يتحقق، فإذا شعرت المقاومة في غزة أن هناك خطرًا مؤكّدًا يهدد وجود سلاحها فإنني أتوقع أن أبواب جهنم ستفتح على دولة الاحتلال إسرائيل؛ عشرات الآلاف من المقاومين سيجتاحون الكيان الغاصب وآلاف الصواريخ الفلسطينية ستضرب في كل مكان، فضلا عما لا نعرفه ولا يعرفه العدو ما قد يكون في جعبة المقاومة من مفاجآت.