ما فتئت الأوساط الإسرائيلية تتهم حماس بمواصلة تسخين الجبهة الميدانية في الضفة الغربية، من أجل زعزعة استقرار الوضع الأمني فيها ضد الجيش والمستوطنين، مما وجد ترجمته بزيادة توترها، لاسيما وأن من أسباب ذلك تصاعد المخاوف الإسرائيلية من اندلاع حرب الوراثة على خلافة محمود عباس لرئاسة السلطة الفلسطينية.
في ضوء هذه المخاوف يمكن قراءة إعلان جهاز الأمن العام الإسرائيلي- الشاباك، في الساعات الأخيرة، أنه أحبط خلال 2019، 560 عملية كبيرة، بما فيها 10 عمليات استشهادية، و4 محاولات اختطاف لجنود ومستوطنين، وأكثر من 300 عملية إطلاق نار، فيما أحبط الجيش قرابة 12 بنية تحتية لخلايا مسلحة فلسطينية خططت لتنفيذ عمليات دامية، لاسيما من خلال وضع عبوات ناسفة.
هذه المعطيات الإسرائيلية تؤكد أن التوتر في الضفة الغربية آخذ في الزيادة مع مرور الوقت، والشعور السائد أن تنجح عملية مسلحة على غرار عملية مستوطنة دوليب قرب رام الله في أغسطس التي قتلت مستوطنة إسرائيلية، من خلال تشغيل عبوة ناسفة، بعد أن نجحت الخلية المنفذة بالتخفي عن الرادار الإسرائيلي، لكن كشف الشاباك عن الخلية المنفذة أوصله إلى بنية تحتية عسكرية واسعة.
يركّز الجيش الإسرائيلي ومخابراته عما يسميانه الدور الكبير الذي يضطلع فيه مكتب الضفة الغربية داخل حماس، والمسئول عن توجيه العمليات بالضفة، وبات يعمل بصورة أوسع ومكثفة أكثر من أجل زعزعة استقرار الوضع الأمني فيها، والمس بالجنود والمستوطنين، مع العلم أن بعض القرارات الأخيرة للمستوى السياسي الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين تصب المزيد من الزيت على نار التوتر معهم.
وهكذا تتزايد وتيرة استعداد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية في الآونة الأخيرة تحسبا لإمكانية غياب أبو مازن فجأة عن المسرح السياسي، لأن حرب الوراثة قد تسفر عن مقاومة شعبية تنزلق إلى مسلحة، في ظل أن غالبية المرشحين لوراثته بدؤوا بتخزين السلاح، مما يثير قلقا جديا في إسرائيل.
تبقى النقطة الأهم مما تقدّم التي ستترك تأثيرها على الوضع الأمني بالضفة الغربية هي الانتخابات الإسرائيلية، وما يصاحبها من صدور رسائل استفزازية من السياسيين الإسرائيليين تخص مستقبل الضفة، سواء ضم غور الأردن، أو التجمعات الاستيطانية الكبرى، ومنع البناء الفلسطيني في مناطق ج، وغيرها من القرارات التعسفية.
كلّ هذه التوجهات السياسية والسلوكيات الميدانية الإسرائيلية من شأنها زيادة التوتر الأمني في الضفة الغربية، واستدراج ردود فعل فلسطينية غاضبة، والتأثير السلبي على التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية الذي يسهم كثيرًا في ترسيخ استقرار الجيش والمستوطنين، مما يتطلب التجهز الإسرائيلي لأي مفاجأة قد تشهدها الضفة الغربية