فلسطين أون لاين

الثقة.. لمن تكون وبأي حدود؟

...
غزة/ أسماء صرصور:

"الثقة" ذروة العلاقة لكن هل يمكن أن تكون هناك حدود للثقة بين أطراف أي علاقة؟، أم أنها تكون على إطلاقها؟

"أطلق على الثقة ذروة العلاقة بين الأشخاص الذين نسجوا سلسلة من العلاقات بينهم، وعندما وصلوا لمرحلة الثقة كانوا في أفضل حالات العلاقة بينهم، ولا يمكن أن تكون قوية دون وجود الثقة، وغياب الثقة يؤدي إلى فساد العلاقة ووجود المشاكل"؛ بهذا يبدأ المحاضر في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية أحمد حمد إجابته عن السؤال.

والثقة مهمة جدًّا في طبيعة العلاقات بين أفراد المجتمع، في الأسرة أو بين الأصدقاء والزملاء"، وفق قول حمد.

ويضرب حمد في حديث إلى صحيفة "فلسطين" مثًلا أن وجود الثقة بين الزوجين هو ذروة العلاقة، فكيف ستكون العلاقة بين الزوجين في حال عدم وجود الثقة، كذلك بين الأقارب والأصدقاء ... وغيرهم، فوجود العلاقة يعني طمأنينة وراحة للطرف الآخر، وهناك من إذا مرضت زوجته لم يقم بمساعدتها ولا الوقوف بجانبها، وهنا تفسد العلاقة بينهما.

ويتابع: "تخيلوا شخصًا احتاج لصديقه في محنة أو أزمة، وهذا الصديق حدود الثقة به عالية جدًّا، في السراء والضراء، ثم بعد ذلك لا يجده بجانبه، سيشعر بانتكاسة كبيرة، في حين هناك أناس قد لا يكونون في الصداقة الأولى أو الثقة الأولى، فنجدهم هم من يقفون مع هذا الشخص".

ويلفت المحاضر في الكلية الجامعية إلى أن الثقة ممارسةً لا تُمنح بل تُستحق، مشيرًا إلى أن المحك الأساس والرئيس في الحياة الذي يجعلنا نرى أن هذا الشخص يستحق هذه الثقة أم لا، هو المواقف التي تمر بها تلك العلاقة، فإن وجد هذا الشخص في هذا الأخ، أو الصديق ... سندًا له في كل المواقف على اختلاف أشكالها فهي علامة الثقة.

ويستدرك: "وربما المواقف كذلك هي التي تزعزع الثقة وعلى رأسها المواقف المالية، فيرده هذا الشخص مع قدرته على مساعدته"، منبهًا إلى أن الثقة في الرخاء لا نستطيع قياسها أبدًا، لكن تظهر في المحكات والضراء.

ويشبه حمد العلاقة بالمزهرية عندما تكسر من الصعب أن تعود كما كانت، أو كبناء ناطحة سحاب من العلاقة مع طرف آخر، ثم بعد ذلك تنهار هذه الناطحة بموقف واحد، لأن الثقة فيه قد فسدت.

وبسؤاله: الإنسان اجتماعي بطبعه ويحب تشكيل العلاقات مع الآخرين، فهل هناك حدود للعلاقة مع الآخر؟، يجيب: "الإنسان بطبعه اجتماعي لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الآخرين، وإذا عاش بمعزل فسيكون لديه أمراض اجتماعية واضطرابات نفسية كالانطواء والعزلة وغيرها".

ويبين أن الإنسان لا يقوى على العيش دون أفراد المجتمع، لكن طبيعة هذه العلاقة يجب أن تكون لها محددات، فمن المهم التعرف إلى الجميع، لكن الأهم ألا نكون منفتحين على الآخرين دون حدود مع الناس الذين لا نعرفهم جيدًا.

ويخص حمد بالذكر هنا الأجيال الشابة الذين ينشئون علاقات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويعطون الآخرين الثقة عطاءً مبالغًا فيه، مضيفًا: "هناك محددات يجب النظر فيها قبل إعطاء الثقة، وهي: مدى معرفتنا بهذا الشخص، ومدة هذه المعرفة، وهل هناك نقاط مشتركة فيما بيننا أم لا؟، وفرق السن، حتى نستطيع اختيار هذا الصديق ومنحه الثقة".

وينبه إلى أن محددات الثقة واختيار الأقران تقع مسئولياتها كاملة على الوالدين في تربية الأبناء بالدرجة الأساسية، فعليهما تعليم أبنائهما كيف يختارون أصدقاءهم، وكيف يتعاملون مع الآخرين، ولمن يمنحون ثقتهم من عدمه، فأي مشكلة تقع بعد ذلك تكون نتيجة عدم تعليم الآباء أبناءهم.