أقرت الحكومة الإيرانية مسؤوليتها عن إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية. وقالت إن حالة التهديد الناتجة عن التدخلات الأميركية ساهمت بشكل رئيس في وقوع الخطأ بإسقاط الطائرة بصاروخ مضاد للطائرات انطلق من قاعدة عسكرية للحرس الثوري، حيث حسب الحرس الطائرة جسما معاديا، وإن القيادة الإيرانية ستحقق مع الجهة المسؤولة عن إطلاق الصاروخ على الطائرة المغدورة.
الإقرار بالمسؤولية يوجب على إيران تحمل التعويضات المناسبة عن الطائرة وعن الضحايا، كما يلزمها الاعتذار للطرف الأوكراني. الحدث مؤسف في مجال الطيران المدني الدولي، ومثل هذه الحالات نادرة، ولكنها تحدث في حالات الحروب، وحالات التهديد بالحروب، وإيران تعيش حالة تهديد من أميركا (وإسرائيل). ومع ذلك يمكننا القول إن إسقاط الطائرة دون تثبت كافٍ يدل على الحالة المضطربة والمتوترة التي تسكن القوات المسلحة الإيرانية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يدل على جهوزية إيرانية عالية للتعامل مع التهديدات المحتملة. فالحدث يحمل وجهين الأول سلبي، والآخر إيجابي.
نعم، قد يكون إسقاط الطائرة حدثًا غير متعمد، ولكنه إسقاط تم بأوامر عسكرية تراتبية، ولا يمكن تسجيله كحدث فردي وشخصي. وهذا الخطأ وتداعياته، وما يترتب عنه من تكاليف مالية ومعنوية، يستدعي اعادة النظر في قواعد الاشتباك والتعامل مع الطيران. إن إسقاط الطائرة لا يدل على عافية جيدة في الجهات المنفذة، بل يدل عن معاناة نفسية فيها قدر غير قليل من الخوف من الأميركي والإسرائيلي.
لا يمكن لأي دولة إخفاء مسؤوليتها عن إسقاط طائرة مدنية في مثل سقوط الطائرة الأوكرانية، حيث من السهل على جهات التحقيق المختصة الكشف عن أسباب نكبة الطائرة، ولذا بادرت إيران للاعتراف بالمسؤولية، وجدير بالدول أن تقرأ من الحدث الأخطار المحدقة بالطائرات المدنية والركاب في ظل التهديدات والتهديدات المتبادلة، لذا فإن الحل الجذري يكمن في نشر السلام، والاحترام المتبادل لأمن الدول وحقوقها السيادية.
إن إسقاط طائرة مدنية مأهولة بركاب مدنيين بصاروخ دفاع جوي من قاعدة عسكرية ليس أمرًا سهلًا، ويحمل أخطارًا متعددة، وعلى الدول إعادة النظر في القواعد المنظمة لسلامة الطيران المدني. وبالنظر إلى المشكلة من جانب آخر نقول إن منطقة الخليج تحتاج إلى مظلة سلام وتفاهم إقليمي حقيقي يقوم على عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية والمستقبلية.